الوطن هو الحضن الذي ليس له بديل.. بل وحتى مثيل، الوطن هو الذي ولدنا على أرضه الطاهرة، وترعرعنا في حضنه المعطاء، وتربينا في كنفه الطيب، ونشأنا تحت سمائه الزرقاء، وتنفسنا هواه العليل، وشربنا ماءه العذب، ونهلنا من خيراته الوارفة؛ الوطن هو الذي تشتعل المشاعر عند لقائه، ويهتز الفؤاد عند ذكره، وتتلاشى العبارات عند وصفه، وتغيب الكلمات في حضرته، وتجف العروق عند فراقه، وتتألم القلوب عند آلمه، الوطن أحاسيس لا يمكن إشباعها، ومشاعر لا يمكن وصفها، وقيم لا يمكن اختزالها، وشجون لا يمكن حصرها، الوطن قصيدة لا يمكن نظمها، وصورة لا يمكن رسمها، وقصة لا يمكن نسجها، ولوحة لا يمكن خطها، الوطن هو الملاذ الآمن الذي نزداد حنيناً ولهفةً وشوقاً لنعود إلى حضنه الدافئ وحجره الكبير ليظلنا بظله الوارف ويغمرنا بعطفه الوافر إن أخذتنا الحياة أو صدتنا المشاغل أو أبعدتنا الظروف عنه. يصادف الثالث والعشرون من سبتمبر يوم توحيد الوطن على يد قائد ملحمة لمّ الشتات والفرقة، الملك المؤسس والإمام المكافح والقائد الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه)، وفي هذا اليوم من كل عام نستذكر ما منّ الله علينا به من نعم كثيرة ومنجزات عديدة، وما تحقق لنا في فترة وجيزة ما تعجز الأمم عن تحقيقه في عقود من الزمن، لنبرز فيه حق الوطن علينا كنسيج مجتمعي واحد تجمعنا فيه -قبل كل شيء- رابطةُ الدين ووشيجة العقيدة وآصرة الأخوة ووحدة المصير، ولنجدد فيه كل معاني وصور الانتماء لمملكتنا الحبيبة بشكل راقٍ وصورة حضارية، ونجسد فيه كل قيم ومظاهر الولاء لقيادته بأصالة صادقة ومعهودة ووعي مسؤول ومتوقع، ونجدد فيه العهد ببذل المزيد من العمل والجهد والعطاء الموسوم بمواكبة المتغيرات وتطوير القدرات وتحقيق التطلعات وحفظ الإنجازات وحماية المكتسبات، ونستشعر دورنا الفاعل والفعال في رفعة مكانة الوطن وتمثيله خير تمثيل وإبرازه بالشكل الذي يليق، والوعد بالحفاظ على وحدته والذود عن حياضه والدفاع عن حماه، ونبتهل إلى الله جل في علاه أن يحفظ لنا وطننا وحكومته وشعبه من كل مكروه، ليواصل الشموخ والرقي بوعي ووحدة وبسالة وتكاتف أبنائه مع حكومته.. فالأوطان لا تبنى وترتقي في سماء المجد والعزة وتحمى ألا بسواعد وتضحيات أبنائها.. ودمت يا وطني عزيزاً شامخاً.