تسير المرأة السعودية وهي ممسكة بيد الوطن بكل قوتها متجاوزة كل شيء من حولها من دون أن تلتفت وراءها للحظة متسلحة بثقتها وبعلمها وبرؤيتها العملاقة الشامخة للغد وبأنها ابنة هذه الأرض الطيبة والصحراء الشاسعة وزهرة الربيع المتفتحة وبوصلة الجهات الجغرافية الأربعة، وأنها الغصن الأخضر وحلم الوطن الأجمل ونور الفجر الذي لا يخطئ طريقه نحو المستقبل، وأنها سنابل القمح الذهبية الشامخة نحو السماء ونصف المجتمع المبدع والطاقة التي تحول كل الأشياء المعطلة إلى مشروعات مبهرة وخلابة، وفي طريقها لم تنسَ أن تلون الطرق باللون الأبيض والأخضر، وثبتت على الجدران براويز شهاداتها ونجاحاتها بفخر، وفرشت مساحات الأرض بالأمنيات الجميلة ثم بسطت يديها نحو الفضاء مودعة دعواتها لمستقبل أجمل ووطن أروع وشعب وفي وقيادة يحفظها الله، ودخلت مرحلة جديدة في حياتها وتركت الباب مفتوحاً على مصراعيه من خلفها. صورة المرأة بين الأمس واليوم تشبه إلى حد كبير الفارق الزمني القصير بين تعاقب الليل والنهار، فالقيادة البصيرة بالحكمة اختصرت الوقت ومنحت بسخاء وحققت المعادلة الصعبة في أن تعطي للمرأة ما كان في يوم ما صعباً أو مستحيلاً متكئة على كتف الشعب الوفي والواعي والمتفهم لدوره والذي كان يصفق للقرار في كل مرة يتجدد فيه ميلاده ويتمنى المزيد والأفضل للمرأة ولخطواتها وقدم لها باقات الورود وكروت التهاني. السؤال الذي طرحته "الرياض": كيف استطاعت القيادة تحقيق المعادلة الصعبة بخلق تناغم وانسجام بين تقبل المجتمع ومنح الفرص وتذليل الصعوبات أمام المرأة والتي كانت أشبه بالمستحيل دون حدوث اختلاف مجتمعي كما كان يحدث في السابق بل إننا تلمسنا المساندة والدعم مثل قيادة المرأة للسيارة. ثقة متبادلة يقول الدكتور أحمد الأنصاري -الباحث في العلاقات الدولية-: إن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ومنذ توليه مقاليد الحكم كان من أهم قراراته تفعيل دور النصف الآخر من المجتمع والذي كان شبه معطل وذلك من خلال تمكين المرأة لتكون بجانب شقيقها الرجل لدفع عجلة التقدم في البلاد، وحقق -حفظه الله- نجاحات كبيرة على المستوى الداخلي ومن ضمنها الإصلاح الاجتماعي وبالإشارة إلى أكثر المجالات نجاحاً وتميزاً نستطيع أن نقول إن تمكين المرأة وتحويلها إلى طاقة فعالة هو الأبرز وهذا ليس بمستغرب، فالمرأة السعودية ذكية وقوية وعندما ابتعثت للخارج للدراسة كانت لا تقبل إلا أن تكون منافسة قوية بين النساء الأخريات من مختلف دول العالم، ولدينا الكثير من الأمثلة المشرفة مثل الدكتورة ثريا عبيد أول امرأة تم ابتعاثها وتولت منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المرأة وهي من أوائل عضوات مجلس الشورى، وتجدر الإشارة إلى السفيرة السعودية بسفارة خادم الحرمين الشريفين بواشنطن عاصمة القرار العالمي الأميرة ريما بنت بندر، ولعل هذا المنصب هو الحدث الأبرز في مسيرة المرأة السعودية والذي شهد إعجاباً ودعماً جماهيرياً كبيراً من مختلف أطياف المجتمع السعودي ونتوقع قريباً أن يتم الإعلان عن تسمية لمنصب وزيرة وعضو في مجلس الوزراء. وأضاف أن خادم الحرمين وولي عهده الرجل الذكي والمحرك المحنك ومهندس رؤية 2030 أعادا المرأة وصورتها إلى الشكل الطبيعي بدعمهم المتسارع، واستطاعت القيادة تحقيق المعادلة الصعبة وكسب الرهان عندما تلمست الدعم المجتمعي للمرأة في كل مناسبة تمنح فيها المرأة فرصة جديدة وتحدياً جديداً، الأمر الذي لمسناه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا دليل على أن التهيئة المجتمعية تمت من خلال الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب والتي لم يتأثر بالأقاويل. دعم وتشجيع وأكد الدكتور أحمد الركبان -محلل سياسي- على أن المملكة منذ زمن بعيد وهي تعطي المرأة حقها سواء على الكادر الوظيفي أو من الناحية التعليمية أو التربوية وكانت المرأة تتميز وتتسيد في الجانب التعليمي تحديداً وفي الجانب الطبي أيضاً وقتها سواء في المستشفيات أو من خلال الدراسة محلياً وخارجياً إلى أن توسعت فرصها ومشاركتها في مختلف المجالات واستطاعت أن تثبت قدرتها في المجتمع ولنفسها، مضيفاً أن تحقيق المعادلة الصعبة والتناغم بين ما يمنح للمرأة وبين الدعم المجتمعي هو شعور كنا نعيشه ولكن بمحدودية ولكنه توسع مع الانتقال من محدودية الدعم إلى التوسع الشامل بمفهومه الواسع والتحول التدريجي الذي تعيشه المملكة وفق رؤية القيادة والتي أخذت على عاتقها أن تأخذ المرأة فرصتها بسخاء، كون أن الوظائف أصبحت مشتركة بين الجنسين وتوسعت فرص العمل وتنوعت، وفي بعض المجالات زادت الفرص الوظيفية والتي كانت تبدو في السابق نادرة مثل العمل في الجانب العسكري خاصة وأنه قد شرعت أنظمة من مقام وزارة الداخلية في سن أنظمة للتحرش والتي هي معمول بها في الكثير من دول العالم ولم تسجل إلا بعض الحالات الفردية وتمت معالجتها، وهذا مؤشر على تفهم الشارع من قبل المقيمين والمواطنين في المملكة على أن المرأة التي تعمل في المولات أو تلك التي تسير بسيارتها في الطريق أو المحاضرة والإدارية والعميدة في الجامعة هي ابنتنا التي لابد أن تجد الدعم والحماية والتشجيع وهذا ما شجع على أن تكون فرص العمل للمرأة أكثر مسؤولية مثل منصبها في المرتبة الممتازة ووكيلة سواء في وزارة العمل أو التعليم، وبتنا ننظر اليوم ألى المرأة بفخر أكثر وهي السفيرة في سفارة خادم الحرمين الشريفين بأميركا والتي تربت في أسرة دبلوماسية وهي صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر، ومؤخراً عملت المرأة كمتحدثة رسمية لبعض الجهات. عطاء سخي وأضاف الدكتور الركبان أن سر نجاح المعادلة الصعبة يكمن في أن المجتمع السعودي يثق في حكومته وأنظمته ويحب وطنه بشكل متناهٍ ويسعى لأن يكون هذا الوطن النموذج العالمي للعالم أجمع ويتفاعل مع رؤيته وقرارته وهو شعور متبادل بينه وبين حكومته والتي تتعامل معه كشعب واعٍ ومتعلم ويسعى للتطور وعاقل ومتفهم لأدوات الرؤية وللتحول الاستراتيجي المدروس في انخراط المرأة في كافة المجالات، وأن المرأة قادرة مع الرجل في قيادة المجتمع والذي يعطي المرأة الفرصة لتستطيع أن تتبادل مع المهنة التي تعمل بها العطاء السخي بحب ويمنحها فرصة الإبداع ليجني الوطن ثمار هذا العطاء المتميز، وأن كافة مدن المملكة تتسابق وتدعم من أجل أن يكون حضور المرأة في منطقتها لافتاً وتسعى لأن يكون لها الريادة في خلق الفرص المميزة لها والتي تتناسب مع قدرتها. ثوابت وتطوير ويرى الدكتور فهد الخريجي -باحث سياسي- أن التحديات التي تواجه أي دولة يمكن اختصارها في التعرف على مقومات التنمية الاجتماعية والمادية، وقد وجدت القيادة الرشيدة أن هناك معوقات أمام المرأة السعودية حالت دون مشاركتها في مجالات العمل، وقامت الدولة مشكورة بتمكين المرأة في عدة مجالات بداءً بالمشاركة السياسية بتعيين ثلاثين سيدة من نخبة وصفوة المجتمع كعضوات في مجلس الشورى ذراع الدولة البرلماني التشريعي، لحقته خطوات إيجابية في إطار المباح في الشريعة الإسلامية كقيادة المرأة للسيارة والتوسع في باب التوظيف والتعيين في مناصب قيادية، وكل هذه الخطوات كانت محسوبة بدقة متناهية تدل على قيادة حكيمة حافظت على الثوابت وطورت المتغير في سلوك المجتمع السعودي، وهذا ما يقال عنه حولت الدولة بحكمتها المستحيل إلى ممكن. جاهزية المجتمع ويشير الكاتب والمحلل السياسي مبارك آل عاتي أن الثقة التامة في القيادة وأنها حريصة على كل فرد من المجتمع كانت هي سر المعادلة الصعبة في نجاح القيادة الحكيمة في إحداث تغيير حقيقي لقرارات معمول بها منذ عقود تتعلق بحياة المرأة السعودية وجعل المجتمع يتقبل هذا التغيير بشكل سريع ومرحب به على نطاق واسع وخلق انسجام عريض وجعل المجتمع يتقبل كل قرارات تمكين المرأة وإعطائها حقوقها وتمتعها بصلاحيات اتخاذ قرارات تتعلق بحياتها وتعاملاتها والتي كانت قد تبدو مستحيلة دون أن يحدث اختلاف مجتمعي كما كان يحدث في السابق، بل أننا أصبحنا نشعر بالرضا ونرصد الدعم والمساندة من مختلف أطياف المجتمع السعودي. وأضاف: لقد أثبت المجتمع السعودي جاهزيته الدائمة للتأقلم والتفاعل والوقوف مع القيادة في كل قراراتها التطويرية وأن لديه القابلية السريعة لاستيعاب الإصلاحات الاجتماعية، بدلالة تقبله للقرارات الإصلاحية السابقة كعمل المرأة في مختلف القطاعات، والسماح بقيادتها للسيارة وتمكينها من تنظيم حياتها وقضاياها الاجتماعية بمفردها ومباشرتها كل ما يتعلق بأحوالها الشخصية كحضانتها لأبنائه أو توليها أمورها الحياتية دون الحاجة بالمرور بعوائق كانت توقف مصالحها، إذ إن المجتمع لمس بنفسه إيجابيات القرارات الحكومية التي تصدر دائماً بعد دراسات مستفيضة وبعد استشارة أهل العلم والرأي وقياس تبعات وتأثيرات تلك القرارات على المجتمع ومدى تطابقها مع دستور هذه البلاد المستمد من القرآن الكريم والسنة المطهرة.