بات الحديث اليوم زاخراً عن مسألة صناعة المحتوى - بكافة أشكاله وصوره- والتي أصبحت تشكل حجر الزاوية لكثير من المشروعات والخدمات وعدد من الفلسفات والحضارات ومرتكزاً لمعظم المؤسسات. الجدير ذكره أن هذا الفن أو المسار ليس بدعاً في مجاله؛ ولكن تشخيصه باسمه وتأسيس قواعده وتنميط محاوره ورسم استراتيجياته وتنظيم مساراته على شكل أفكار مكتوبة وأحداث مرئية أو مواد مسموعة هو ما بدأت مؤخراً تركز عليه كثير من مؤسسات التسويق والإعلام والإعلان والشركات التي تهتم بأدق التفاصيل في بيان مسارها الإبداعي ومجالها الذي تسعى أن يكون جديراً بثقة المستفيد. والذي أحسب أننا بحاجة إليه اليوم أكثر مما سبق هو هيئة وطنية لصناعة المحتوى الوطني، قوامها العقيدة الصحيحة والفكر السليم والمنهج القويم والانتماء الصحيح والقيم العريقة والهمة الشامخة والطموح الممتد الذي يجعل هذا الوطن بالقيادة الحكيمة ورؤيته الموفقة متجذراً في أعماقنا ومورقاً في قلوبنا، نلهج بحبه والدفاع عنه وحمايته فكراً وروحاً قلباً وقالباً. في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية نعتز بديننا ونفخر بأصالتنا ونباهي بقيمنا ونصون كرامتنا ذلك الخط الذي لا مساومة عليه - نبرز ذلك ونعلنه في أسرنا ومساجدنا ومدارسنا ومؤسسات مجتمعنا العلمية والصحية والخدمية والترفيهية والإبداعية وسائر مسارات حياتنا. ولذلك فيَجْدُر بمؤسساتنا الوطنية في القطاع العام والخاص أن تجعل هذا الأمر من أولوياتها بأن تستخرج تلك الكنوز الثمينة، وتستكتب الأقلام المخلصة، وتستحث الهمم الصادقة، وتُفعِّل البرامج المنافسة وتُعزّز الأفكار النوعية لتعكس مرآة حضارتنا صافية نقية وتملأ فراغاً لا يليق به سوى الذهب الذي لا يصدأ والروح التي لا تكدأ والجهد الذي بالخير يكلأ. إننا في وطننا الشامخ نملك بحمد الله فكراً وأقلاماً وتاريخاً وعقولاً وولاءً وانتماءً جديراً بأن يُصاغ للأجيال الحاضرة والمستقبلة لتطلّع على التاريخ المجيد والحاضر المشرِّف والمستقبل الواعد بإذن الله بأيدي أبنائه الذين يبذلون الغالي والنفيس في سبيل وطننا، وطن الإسلام والسلام والعروبة والأصالة والريادة. ذاك الذي كان وما زال وسيظل بمشيئة الله عزيزاً شامخاً تفخر به كل القمم وتتسابق إليه هامات السحب.