رواية لاعب الشطرنج الصادرة عن دار مسكلياني في تونس 2017م، بترجمة سحر ستالة، إحدى روايات الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ، المولود عام 1881 في العاصمة النمساوية فيينا، الرواية على بساطتها وقلة عدد صفحاتها، رواية مراوغة ظاهرها حكاية طريفة ممتعة عن سيرة لاعب شطرنج، وباطنها رسالة وداع وجهها الكاتب زفايغ إلى الإنسانية جمعاء بعد أن فقد الأمل في الإنسان كما حلم به ودافع عنه، الإنسان الذي تحول إلى آلة تدمير لا هاجس لها غير السيطرة والربح، رجل الدين، رجل الأمن، المحامي، التاجر، لا أحد نجا من الإدانة، ولا أحد حافظ على هويته في لعبة التحولات، الرواية تقوم في جوهرها على شخصين مسافرين على متن باخرة تغادر العالم القديم إلى العالم الجديد، الأول لاعب الشطرنج العالمي ميركو كزنتوفيك، هذا اللاعب الغريب والفذ الذي يرفض أن يسمح لأحد بالاقتراب منه، ويلاعب الجميع باستخفاف وغرور مستفز، والثاني السيد (ب) نمساوي ينتمي إلى عائلة كانت مقربة من القصر الإمبراطوري في فيينا، والذي تم اعتقاله على يد جهاز الأمن الألماني عقب احتلال النمسا، والتي أظهر فيها الكاتب معاناة روح السيد (ب) الحبيسة خلف قضبان الصمت والفراغ الرهيب، نتيجة احتجاز النازيون له في غرفة لشهور طويلة، كاد يفقد فيها عقله لولا كتاب صغير في قواعد الشطرنج سرقة من إحدى الجنود، تعلم من خلاله اللعبة وقوانينها وأشهر نقلاتها. بعد ذلك يتجه السرد إلى المواجهة المثيرة التي تمت بين الأول والثاني في لعبة الشطرنج. رواية زفايغ تقدم شهادة قاسية عن اللاعبين في هذا العالم والمتفرجين الذين لا يعرفون أسرار اللعبة أو مكامن النجاح والخسارة فيها، فزفايغ كما جاء على الغلاف الخلفي للرواية، قد كتب لصديقه هرمان كيستن من منفاه البرازيلي قبل خمسة أسابيع من انتحاره (هناك شيء مهم أقوله عن نفسي، كتبت قصة قصيرة حسب أنموذجي المفضل البائس، وهي أطول من أن تنشر في صحيفة أو مجلة، وأقصر من أن يضمّها كتاب، وأشد غموضاً من أن يفهمها جمهور القراء العريض، وأشد غرابة من موضوعها في حد ذاته.