دور التربية في غرس القيم ودور التعليم في اكتساب المعرفة والمهارات يحقق التأثير الإيجابي إذا أوجد توازنا بين التنظير والتطبيق. الدروس النظرية والتوجيه المباشر, والقصص, كلها مهمة ومؤثرة ولكنه تأثير محدود ومؤقت ولا يكتمل إلا بالممارسة. احترام النظام, النظافة, التعاون, النزاهة, إتقان العمل, كلها قيم جميلة يقرأها الطفل في الكتاب المدرسي, ويسمعها من المعلم, وسوف ترسخ وتصبح سلوكاً يمثل شخصية الطفل ويستمر معه في كل مراحل عمره إذا مارس تلك القيم في المدرسة. دعونا نأخذ إتقان العمل كمثال ونطرح الأسئلة حول هذا الموضوع. لماذا تشتهر جنسيات معينة بأنها تتقن العمل.؟ لماذا حين نذهب إلى المستشفى نسأل عن جنسية الطبيب.؟ لماذا الحرص في استقطاب العمالة, الإداريين, المستشارين على جنسيات معينه.؟ الإجابة في كل الحالات تكمن في التعليم والتدريب, وحتى نكون أكثر دقة تكمن في أساليب التعليم والتدريب. التعليم هو الذي يغرس القيم ويكتشف المواهب وينميها, ويوفر الفرص التي تكسب المهارات. التدريب مرحلة مهمة في الحياة العملية والنجاح فيها ومتابعة ما يستجد من معلومات ومهارات. تطوير برامج وأساليب التربية والتعليم والتدريب تساهم في بناء شخصية الإنسان ليكون عضواً فاعلاً مؤثراً في المجتمع. هذه الشخصية البعيدة عن الازدواجية ليس لديها فجوة بين ما تعلمته في المدرسة من قيم, وبين الممارسات الفعلية, وهذا لا يتحقق بالتعليم النظري والتربية التي تعتمد على توجيه النصائح والتعليمات بطريقة تقليدية غير جاذبة لاهتمام الطفل. نصائح وتعليمات وتوجيهات يحفظها الطالب كي يجتاز فيها الاختبار, لكن لم يمارس في المدرسة (المجتمع الصغير) كيف يتعاون. وكيف ينظف, وكيف يتقن العمل, وكيف يحترم النظام. في هذه الحالة هل نتوقع أن الطالب سيمارسها في المجتمع الكبير. التربية والتعليم والتدريب موجودان في كل دول العالم, الفرق هو في الأساليب والوسائل الموصلة إلى الأهداف. كل الدول تسعى من خلال برامج التربية والتعليم والتدريب إلى بناء شخصية الطالب تربوياً وعلمياً وسلوكياً. إن أهمية الممارسة وتأثيرها القوي في اكتساب المعرفة وتنمية الاتجاهات السلوكية الإيجابية, هذه الأهمية تجعلنا نفتح باب المدارس لدخول (التدريب) حتى تكتمل المعادلة التي تساهم بعناصرها الثلاثة في جعل المدرسة بيئة علمية تربوية تقدم للمجتمع الإنسان الذي يملك القدرة لمزيد من التعلم, ويتطلع بشغف للعمل, وتتسم شخصيته بسلوك إيجابي تجعله قادراً على التكيف والمشاركة والتفاعل الاجتماعي والقيام بمسؤولياته بكل كفاءة وإخلاص.