أعتدت عند استيقاظي كل صباح، أن أتمتم بصوت خافت "لم يحدث ذلك"، وأبدأ يومي بطقوس خاصة وأعد فطوري وأتناوله متدرعاً بوحدتي ولائذاً بها من ضوضاء مقيتة تنتهي عادة بأن أحطم منضدة الإفطار. بعد ذلك، أتهندم وأصفف شعري وأغمر جسدي بعطري النفاذ ذي الرائحة الزكية، ثم ألتقي ببائع الورود ذي الشارب الكثيف وفكه العريض، ابتاع منه أجود وروده، التي اتعهدها بالرعاية واحتفي بها رغم أنها باتت على كل حال، تتكدس داخل مركبتي. الآن لم يتبقَ لي سوى الذهاب إلى المطار وحينها يشاهدني منظم حركة السير، وتبدأ ملامح الاستياء تتشكل على وجهه المليء بتغضنات بفعل الزمن وتوالي الخيبات، يشتمني لأني أركن سيارتي بشكل خاطئ، يدفعه لصب جام غضبه ويصرخ حتى يكاد يفقد نَفَسه: "أنت مجنون!". بعد ساعات من الانتظار. أعود إلى المنزل محبطاً مطأطأ الرأس، وتباغتني والدتي وتجبهني بسؤال: "هل كنت في المطار؟" فأجيبها ب: نعم. لم يتمالك أبي أعصابه وهز كتفاي ثم ضم جسدي النحيل بين يديه الضخمة التي افقدتني التركيز لثوانٍ، وهمس "بُني، لايوجد مطار في مدينتنا! هل تعيّ ما أقول؟."