بعد سلسلة القرارات الجديدة التي عاشتها المملكة العربية السعودية خلال الأيام الماضية والتي تصب في مصلحة المرأة السعودية والتي تخدم المرأة في حياتها العامة وحياتها العملية واستقلالها وتسهيل أمور حياتها بشكل أسرع دون تعقيد أو تقييد. وأشار المحلل الاقتصادي سليمان العساف أن القرارات الجديدة تحمل الكثير من الإيجابيات الكثيرة منها المساواة بين الرجل والمرأة في حدود العمل والصلاحيات والحقوق. ويرى العساف أن هناك الكثير من النساء يعانين من تسلط أولياء أمورهم عليهن سواء في العمل أو السفر، فالكثير من حالات الطلاق تأخذ وقتاً طويلاً بسبب تسلط الزوج والتسويف وتعليق المرأة كوسيلة من الضغط لإضعاف وضعها وتقوية وضعه، وأن هذه القرارات ستحد من هذا الأمر وهناك الكثير من الأسر تعاني من التفكك ويمارس فيها الرجل الوصاية على المرأة بشكل سلبي جداً، ويعتقد أن البعض من النساء تجهل حقوقها في كثير من الإجراءات التي تخدمها وتخدم أبناءها، وبعد هذه القرارات ومعرفة ما لها وما عليها تستطيع المرأة أن تعيش وتتصرف بما يناسب مصلحتها ومصلحة أسرتها لأن المرأة مكون مهم في المجتمع. من جهة أخرى يأتي المرسوم الملكي بالموافقة على المساواة بين الرجل والمرأة في سن التقاعد، بحيث يكون 60 سنة لكلا الجنسين، من ضمن القرارات التي تحفظ للمرأة حقوقها في العمل ويضمن مساواتها بالرجل في سن التقاعد ببلوغ سن 60 عاماً. وأشارت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى أن نظام التأمينات الاجتماعية كان يسمح للمرأة بالحصول على معاش التقاعد بمجرد بلوغها سن 55 عاماً، وتوفر من خلالها مدة اشتراك لا تقل عن عشرة أعوام، مما ساهم هذا النظام بشكل جزئي في ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، بسبب إقدام بعض أصحاب العمل على استبعاد المرأة من العمل، بمجرد بلوغها سن 55 عاماً. وتعيش المرأة السعودية فترة يصفها مراقبون ب"الذهبية" بدأت بالسماح لها بقيادة السيارة، والانخراط بشكل أكبر في سوق العمل، وتعديل قانون الأحوال المدنية والسفر للمرأة وولايتها على أبنائها. و بينت المستشارة القانونية هند العباد أن حق العمل هو حق مكفول لكل البشر بلا استثناء سواء كانوا رجالاً أو نساء فلا يجوز أن تُحرم المرأة من حقها في إثبات قدراتها من خلال العمل، كما لا يجوز أن نحرم الوطن من عطائها باعتبارها نصفه الآخر، إذ لا يُعقل أن يكتفي المجتمع بنصف قدراته من الرجال فيتطلع نحو المستقبل بنصف رؤية، ويخطو إلى الأمام بقدم واحدة ويفكر بنصف عقل. وأضافت العباد "نظام التأمينات الاجتماعية هو نظام تكافلي اجتماعي يكفل حقوق المشتركين فيه بالتضامن مع أصحاب العمل، إذ يضمن للمشترك ومن يعول العيش الكريم في حال التقاعد، أو الوفاة، أو العجز غير المهني، أو الإصابة المهنية، وهذا يعطي الطمأنينة للعاملة والاستقرار مما يساعدها على زيادة الإنتاج، كما أنَّ المؤسسة تتحمل جميع تكاليف إصابة العمل التي تحدث للعمالة عن صاحب العمل، وتقدِّم العناية الطبية الشاملة للعاملة المصابة، وتُصرف لها جهة العمل تكاليف العلاج ودفع الأجر". وعن رفع السن التقاعدي للمرأة قالت العباد "عندما تم إقرار أنظمة التقاعد كان متوسط الأعمار 52، وهذا يعني أن المنافع المالية يتم دفعها للورثة الذين يعولهم ولا يستفيد صاحب التقاعد فعلياً إلاّ لسنوات معدودة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، لكن الآن نسبة معدل الأعمار ارتفع، حيث أصبحت نسبة معدل الأعمار تزيد 20 عاماً من 56 إلى حوالي 76 عاماً، وبصرف النظر عن توازن الصندوق التقاعدي فإن عمر 60 عاماً اليوم يعادل سن 45 عاماً عندما تم إقرار النظام، ففي السابق كان الأشخاص الذين يصلون إلى 50 عاماً يعد غير قادر على العمل، والآن بسبب التقدم والتطور الطبي أدى إلى الوعي الصحي، وتوافر الأدوية الناجعة والأغذية الصحية وممارسة التمارين حتى صار صاحب 60 عاماً قادراً على الإنتاج والعمل والمثابرة، وكذلك بالنسبة للمرأة اليوم فعندما تصل إلى سن 55 عاماً هي في الحقيقة في أفضل حال من الناحية الصحية، ولهذا لا أرى أن تتم إحالة هؤلاء على التقاعد مثل المهندسين والأطباء والمحاسبين وغيرهم، الذين لديهم قدرة على الإنتاج بشكل جيد، ولا بد من الاستفادة منهم؛ لأنهم ما زالوا في أوج العطاء والإنتاج ومن الصعب تعطيل هذا المورد اقتصادياً، وفي كثير من الدول صارت الأنظمة تلتفت إلى هذا الجانب، ويسمحون للأشخاص بالعمل إلى سن 65 عاماً، وربما إلى 70 عاماً، وذلك للاستفادة إلى أقصى حد من قدرات الموارد البشرية، هذه من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. وفي نفس السياق أوضحت المستشارة في الموارد البشرية جواهر العوض أنه مع تطوّر أشكال الحياة، وانفتاح المجالات أمام الإنسان، وزيادة تكاليف المعيشة، اندمجت المرأة في سوق العمل إلى جانب الرجل، وأصبحت تتحمّل العبء المادي تجاه أسرتها وأبنائها، كما أنّها أثبتت العديد من مهاراتها وقدراتها الإنتاجيّة، بالإضافة إلى الحصول على المردود المادي، فيما كان قرار تقاعد المرأة في سن 55 سنة وبشكل إجباري للموظفات لتوفير فرص وظيفية لغيرهن حل غير ناجع لمشكلة البطالة بين السعوديات"، معللة ذلك بقولها "واقعياً هذه الحال لا توفر إلا عدداً محدوداً من الوظائف، كما توضح الأرقام والإحصائيات ودراسات وزارة العمل"، مؤكدة أن خروج خبرات مهمة وبأعداد كبيرة من الموظفات وفق التقاعد المبكر يؤدي إلى خلل كبير في الإنتاجية خصوصاً في قطاعي التعليم والصحة. وأبانت العوض أن الحل لهذه المشكلة ليس بالتقاعد المبكر كما يعتقد البعض إنما بسعودة الوظائف النسائية في التعليم الأهلي والمؤسسات الصحية وكافة القطاعات، إضافة إلى تحسين مخرجات التعليم لتوجيه المرأة نحو مجالات عمل جديدة، فالقضية ليست إقصاء مواطنة عن عملها لإحلال أخرى مكانها، لكن في إيجاد فرص عمل للمواطنة، لافتة إلى أن هناك أكثر من مليون وظيفة مشغولة من قبل غير السعوديات في مختلف القطاعات ستسهم في توفير وظائف حقيقية للمواطنات دون إقصاء أخريات عن المشاركة في تنمية المجتمع، مؤكدة أن تخصيص جميع المناشط التجارية الموجودة في المدن لتعمل بها المرأة السعودية مثل المصارف والأسواق النسائية والمدن الترفيهية وملاعب الأطفال والمصانع من الحلول العملية التي ستوفر وظائف متعددة للمرأة. وأضافت العوض "أن تقاعد المرأة وهي في أوج نشاطها وحيويتها وفي عمر قلّت فيه مسؤولياتها عن المنزل هو من الظلم لها، خاصة أن تقارير أوردتها منظمة الصحة العالمية تؤكد أن عمر المرأة يزيد في المتوسط على عمر الرجل في حدود عشر سنوات، ما يعني أنها ما زالت في قمة عطائها، معتبرة أن عمل المرأة السعودية في الوقت الراهن أساس وليس ترفيهياً أو قضاء وقت، لأنه أصبح حاجة ملحة في ضوء التغيرات المجتمعية، إذ إن كثيراً من الأسر تعولها موظفات دفعن أسرهن نحو الحياة الكريمة، مستدركة "لو خاطرنا بفرض تقاعد مبكر إجباري لجميع الموظفات سنفاجأ بأننا أنتجنا دون قصد مشكلات اجتماعية كبرى خاصة أن الكثيرات من الموظفات ليس لهن نشاط سوى عملهن الحالي".