لم يكن إقرار الأنظمة المتعلقة بنظام وثائق السفر والأحوال المدنية ونظام العمل، أمراً مستبعداً أو مستحيلاً، ذلك أن عجلة الإصلاحات وسلسلة المبادرات المتعلقة بتعديل وتطوير الأنظمة والقوانين الحكومية بما يتوافق واحتياجات المجتمع كانت متعددة ومتتالية ومنسجمة مع جميع برامج التحول الوطني وعناصر رؤية 2030. اليوم وبعد أن نالت المرأة السعودية هذا الاهتمام بحقوقها وتعزيز دورها بالمجتمع تتأكد رسالة المملكة ومساعيها المستمرة وفقاً للنصوص الشرعية الإسلامية على تكافؤ فرصها في التعليم والعمل والتدريب والتمكين بصورة متكاملة ومتكافئة في سبيل تنمية مجتمعها واقتصاد بلادها. ولأن مثل تلك القرارات لها انعكاسات اقتصادية إيجابية على المرأة، إذ تدعم استقلاليتها الاقتصادية وحقوقها النظامية في العمل والتقاعد، وهذا ما أكدت عليه الخبيرة الاقتصادية ومستشارة التخطيط الاستراتيجي د. نوف الغامدي، إذ وصفت تلك الخطوة بالمهمة جداً، وقالت إنها تعد من سلسلة الإصلاحات التي تجريها المملكة لدعم المرأة وتمكينها، كما أن القرار رهان كبير على وعي المرأة لتثبت استحقاقها وأحقيتها له منذ زمن، وحان لها الوقت أن تكون شريكة بالتنمية ومحركا رئيسا لها دون تمييز جذري يمنعها من المشاركة في بناء الوطن، كما أن القرار وغيره من القرارات التاريخية كقرار السماح للمرأة بقيادة السيارة دليل على أنها تعيش في عصر ذهبي وتجاوزها لعراقيل وحقوق لم تكن متاحة لمن سبقوها، فعليها أن تؤكد اليوم أن المرأة السعودية قادرة على تحمل مسؤولية نفسها ووطنها وأسرتها أمام العالم. وأضافت الغامدي لا ننسى الدور الكبير لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي له دور محوري في التغييرات الكبيرة التي تحدث اليوم على مستوى هندسة المجتمع والاقتصاد، فلقد صرحّ سابقاً أن المملكة بصدد إعادة النظر في قانون الوصاية الصادر عام 1979، والذي يتم بحثه مع معظم أعضاء هيئة كبار العلماء، وقد أنهى بمرسوم ملكي الحظر على قيادة النساء العام الماضي، ولم تعد السعوديات بحاجة إلى إذن ولي الأمر للحصول على وظيفة أو التسجيل في الجامعة أو الخضوع لجراحة، وسُمح للنساء بدخول الملاعب الرياضية والجلوس في أماكن مخصّصة لهن وللعائلات للمرة الأولى، بعدما مُنعن من ذلك طوال عقود، كذلك يتضح سعي السعودية لتحقيق أهداف رؤية 2030 في تعزيز حضور النساء في سوق العمل. وأوضحت د. نوف بأنه من المؤكد أن القرار له آثار إيجابية كبيرة ومهمة، فقرار تعديل نظام وثائق السفر يشكل مشروع تمكين المرأة على أرض الواقع بصلابة واستمرارية، بنظام حدد سن الرشد والأهلية للمرأة، وهذا مهم جدا وسيحسم كثيرا من الإشكالات التي تعيق اندماج المرأة في برنامج التحول الوطني أو أي مشروع وطني تنموي، وحتى مساهمتها في سوق العمل، فيما ترى أن تمكين المرأة الفعلي يبدأ من تغيير التشريعات وتعديل أي نظام لا يعطيها حقوقها كمواطنة، فتعديل هذا النظام يمس المرأة، ولكن آثاره ستنعكس على الأسرة ومن ثم المجتمع عموما، ولاننسى البعد الحقوقي بهذا القرار وهو التأكيد على اكتمال حقوقها كمواطنة والاتساق مع نظام الحكم الذي يمثل قاعدة لكل الأنظمة مما سينعكس على الدبلوماسية السعودية الخارجية، كما أن القرار سيساهم بتحقيق مشاركة المرأة في سوق العمل ورفع نسبته من 22 إلى 30 في المئة من خلال تعديل أنظمة الخدمة المدنية ونظام العمل مما يحقق التوازن بين المرأة والرجل في الفرص والأجور ويحقق العدالة المجتمعية، ويحقق الأمان الاجتماعي والوظيفي. في حين أكدت على أن المرأة في السعودية دائماً لديها ثقة في وطنها الذي يُعد داعماً لها دائماً، ومن المؤكد أن نظرتها لمستقبلها الآن أصبحت أكثر وضوحاً والقرارات أزالت الضبابية التي كانت تخيم سابقاً، ولا بد من التأكيد على أن أنظمة المملكة العربية السعودية مستمدة من الشريعة الإسلامية بمبدأ المساواة التكاملية بين الرجل والمرأة، والتي تراعي الخصائص والسمات التي يتمتع بها كلٌ من الجنسين، ويختلف بها عن الآخر، وتحقق العدل في نهاية المطاف، وتؤمن المملكة بأن تكامل العلاقة بين الجنسين طريقةٌ مُثلى لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة والقضاء على التمييز ضدها. وفي السياق ذاته أكدت سيدة الأعمال الجوهرة الماضي، أن مثل تلك القرارات تشكل دعما حقيقيا نحو أي توسع وتقدم في مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل والتمكين الاقتصادي الذي ينعكس على استقلالها اقتصاديا، وقالت إنها سعيدة بمثل هذه التعديلات الهامة التي تعطي المرأة السعودية كامل حريتها للمشاركة في بناء مجتمع متكامل ومتساوٍ في كافة الحقوق. وقالت عالية الشلهوب -كاتبة في الشأن الاقتصادي- أن القرارات الأخيرة هي استكمال لمسيرة الإصلاحات التي توليها القيادة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان نحو تعزيز حقوق المرأة وتمكينها. فمنذ البداية تم إشراك المرأة في التحولات التي تشهدها المملكة من خلال رؤية 2030 حيث تم رسم دورها كشريك أساسي وفاعل في التغيير. مضيفة أن القرارات الأخيرة الخاصة بالمرأة أعطت المرأة حقوقها النظامية التي تكفل لها المساواة في إطارها الحقوقي والاجتماعي الصحيح؛ وهي قرارات تصحيحية وتنظيمية لتفادي الإشكاليات التي كانت تؤخذ على المملكة دولياً. الجوهرة الماضي