أخبار صادمة ترد من مسابقات كرة القدم في دول مختلفة. كرة القدم رياضة للمتعة مثلها مثل أي نوع من أنواع الفن. يذهب المتفرج للمتعة والتشجيع لكنه يتحول إلى مشجع يشجع بحماس مبالغ فيه، ينسى تحت تأثير هذا الحماس أن الكسب وارد، والخسارة واردة. السؤال هنا: هل فعلاً ذهب المشجع للملعب للمتعة أم للتشجيع الانفعالي كهدف أساس؟ السؤال الثاني: لماذا لا يتحول التشجيع إلى متعة بدلاً من الهياج والشتم والانفعال الزائد الخطر على حياة الإنسان؟. مشجع يموت متأثراً بالهزيمة، ومشجعون يموتون في الشارع فرحاً بالفوز، وآخرون يموتون بسبب التعارك مع مشجعين آخرين. السؤال الثالث: هل الجماهير المشاغبة تشجع أنديتها فعلاً أم تستغل المباريات لممارسة الشغب؟ هل سيكون الحكم الآلي هو الحل، أم إقامة المباريات بدون جمهور لتكون المتعة للاعبين فقط؟ يشير كثير من الأطباء إلى أن الحماس الزائد يسبب ارتفاع نبضات القلب إلى درجة خطيرة، وصلت أن أحد أطباء القلب يبدي قلقه على المشجعين في المدرجات أكثر من قلقه على اللاعبين. في عام 1996 فازت فرنسا على هولندا في بطولة أوروبية بضربة جزاء، بعدها توفي 14 هولندياً بسبب نوبات قلبية، وعندما فازت الأرجنتين على إنجلترا في مسابقة كأس العالم عام 1998 نقل 55 مشجعاً إلى المستشفى بسبب نوبات قلبية، وفي عام 1964 في أولمبياد طوكيو كانت المباراة النهائية في كرة القدم بين الأرجنتينوبيرو، كانت الأرجنتين متقدمة في النتيجة، وسجلت بيرو هدف التعادل قبل نهاية المباراة بدقيقتين لكن الحكم ألغى الهدف، كانت النتيجة غضب الجمهور ونزوله إلى أرض الملعب فتدخلت الشرطة وهرب الجمهور عن طريق الأنفاق ونتج عن التدافع وفاة 328 شخصاً. بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة حصل فيها بسبب نتائج المباريات بعض الوفيات تأثراً بحالة فرح أو حالة حزن. التشجيع القاتل وصل إلى الاعتداء من جمهور أحد الفرق على لاعب فريقهم الذي يرتكب خطأ يتسبب في خسارة الفريق. وهكذا نرى أن كرة القدم -وهي رياضة ممتعة- حلت بها كوارث قاتلة بسبب الحملات النفسية والإعلامية التي تسبق المباريات، وأحياناً بسبب الفوضى داخل الملاعب الناتجة عن انفعالات مبالغ فيها يغذيها التعصب. المشكلة عالمية وإنسانية ومعروفة ومزعجة؛ فما هي الحلول التي يمكن أن تنهي هذه الحوادث المؤسفة؟ هل هي مسؤولية الفيفا؟ أم هي قضية اجتماعية تنتظر تدخل علماء النفس والاجتماع؟ هل يمكن السيطرة على الجماهير بالقوانين الصارمة؟ أم بالتربية والتوعية والمسؤولية الاجتماعية للأندية؟ هل يمكن تحويل كرة القدم إلى متعة تشبه متعة المسرح والسينما تحقق المشاهدة الحيادية، أو متعة مباريات التنس الأرضي حيث التصفيق للإبداع. التعصب الرياضي، تعريفه وآثاره ومشكلاته معروفه، ما يبحث عنه العالم اليوم هو الحلول، وهي مسؤولية مشتركة بين كافة مؤسسات المجتمع بقيادة المؤسسات التعليمية التي تملك الحل الاستراتيجي لهذه المعضلة.