ترددت كثيراً في الكتابة بمنبر عام، وذلك التردد منبعه الأساسي هو حساسية ودقة الموضوع، والمفهوم الشائع عند الكثير من الناس أن إدارة المخاطر تغطي فقط المخاطر المالية، وهذا من المغالطات الشائعة عن هذا المبدأ الذي تطور في العقدين الأخيرين لكي يغطي جميع المخاطر المحتملة في أي منشأة، ولم يقتصر على المنشآت بالقطاع الخاص، بل تعداها إلى القطاع شبه الحكومي والحكومي. ولكي يتناغم معي القارئ الكريم بما سوف يتم طرحه في هذا المقال سأبدأ بتعريف معنى ومفهوم إدارة المخاطر بخلاف ما هو سائد أن هذه الإدارة مخصصة فقط لتجنب التأثيرات السلبية. إدارة المخاطر هي تلك الإدارة المرتبطة بتحقيق أهداف المنشأة الإستراتيجية والاستفادة المثلى من الفرص المتاحة خلال تحقيق هذه الأهداف، وتجنب أو تقليل حدوث أي تهديدات من الممكن أن تعيق أو تؤثر سلباً لتحقيق هذه الإستراتيجية. مملكتنا الحبيبة تمر اليوم بنهضة شاملة تحت رؤية الوطن 2030، وأتمنى أن أوفق بتوضيح مدى أهمية تطبيق إدارة المخاطر في جميع القطاعات التي يرتقب أن تكون جزءاً من هذه الرؤية. لا يتوقف تطبيق إدارة المخاطر على الجانب المالي، والذي تقوم بتغطيته إدارات المالية والمحاسبة القائمة حالياً، ولكن الأهمية القصوى لإدارة المخاطر تكمن بأنها هي المعنية برصد جميع المخاطر المحتمل حدوثها على مستوى الإستراتيجيات والعمليات التشغيلية اليومية لتلك المنشآت، مما يزيل أو يقلل التأثيرات السلبية المحتملة عند وقوع تلك المخاطر. كما نرى أن هذه الإدارة تغطي المنشأة من مستوى الإدارة التنفيذي إلى مستوى العمل اليومي البسيط، وهذه الإدارة هي إدارة واعدة يجب أن يؤدي أدوارها ويقودها موظفون شباب، وسوف أذكر سببين لتقليد إدارتها لفئة الشباب. السبب الأول يكمن أنها إدارة حيوية يرتكز عملها على التواصل مع جميع الإدارات والأقسام في المنشأة، وتعتمد في عملها على الحركة الدائمة، والبحث المتواصل في فسيفساء العمليات التشغيلية اليومية الحرجة، والتي إن توقف جزء منها قد يكون التأثير كارثياً على استمرارية ونجاح تلك المنشأة؛ والسبب الثاني هو وجود مقاومة للتغيير في المنشآت عموماً من الذين عملوا وتحول العمل في إداراتهم إلى روتين يومي لا يرغبون في تغييره، وأيضاً لا يخفى على القارئ الكريم أن إدارة المخاطر هي للموظف النشيط الطموح المثابر لأنها ترتكز في أساسياتها على التخطيط والرصد والتنبؤ بالغير متوقع، والتحضير له بما يتناسب من خطط وضوابط وسياسات وإجراءات تتماشى مع تلك التنبؤات، حتى يتم التمكن من الاستفادة المثلى للفرص المتاحة، وكذلك التصدي لأي تهديدات قد تؤثر سلباً على عمل وديمومة منشآتنا واقتصادنا، ومن ثم تأثر على الاقتصاد الكلي لوطننا الغالي.