السعادة شعور داخلي يتميز صاحبه برضا النفس وقناعتها ويحاط المخلوق بالفرح المعتدل وهدوء الأعصاب، وتظهر علامات السعادة على وجه الإنسان ومحياه، في شكل ابتسامة دائمة وردود أفعال متفائلة وسلوكيات إيجابية، وإذا غمرت السعادة روح الإنسان تميز بصفاء الذهن وهدوء البال ومنطقية التفكير، وجميع مشاعر الحب والسلام من تقدير وأداب وأخلاق ورحمة وتضحية، والسعادة تنمي سمات الشخصية الإيجابية، كتقدير الذات والثقة بالنفس والثقة بالآخرين وتقدير الآخرين، وكذلك تجعل صاحبها قادرا على التواصل الناجح والفعال مع نفسه ومع الغير. فالسعادة تجمع للإنسان الخير والغنى والرضا بما قسم الله له في هذه الحياة. وفي هذا العصر المليء بالعديد من الأحداث المختلفة والمشغلات المتعددة، والانشغال باستخدام التقنية الحديثة والبرامج الاجتماعية والأجهزة المتعددة، نرى أن العبوس وضيق الأفق والانفعال وغيرها من السلوكيات السلبية الأخرى قد انتشرت بين كثير من الناس، فهل يعني ذلك فقدان السعادة؟ وهل من الممكن إعادة تلك الأنفس إلى وضعها المطلوب من السعادة؟ لا شك أن كثيرا من ظروف الحياة المختلفة قد تفقد الإنسان حلاوة العيش، كالفقر والمرض والدَين وموت الأحبة والمشاكل الأسرية وغيرها من مشاكل الحياة ومصائبها المتعددة، لكن يبقى أن نعلم أن تلك سنة الحياة وأن الصبر على تلك المنغصات من الإيمان بالله والإيمان بالقضاء والقدر، وهنا ندرك أن الإنسان قادر على تجاوز أزمة فقدان السعادة وتجاوز أسباب الشقاوة والأحزان، هذا إن عزز في نفسه الإيمان، وتدبر آيات القرآن والأحاديث النبوية الحاثة للمسلم على التفاؤل والصبر والحلم، وبذلك سيتعلم المحزون مداخل السعادة وجوالبها، ففي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -:(من أصبح منكم أمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها). نجد في هذا الحديث أن حدود السعادة تكون عند توفر الأمن، والصحة، وتوفر لقمة العيش. ونلاحظ أن ما أتى بعدها من زيادة أو غنى أو غيرها من مطالب ومطامع الناس في هذا العصر لم تذكر، وهذا دليل قاطع على أن هناك حدا أدنى يجب توفره حتى تتحقق السعادة، وفي كثير من الأحيان يتحقق ذلك الحد للجميع من البشر، ولكن يبقى على الإنسان أن يدرك ذلك، وأن يتخلص من الأوهام والأفكار السلبية، وأن يرضى بما آتاه الله. وعليه كذلك أن ينبذ بعض الوسائل الواهية، المجانبة لثوابت الإنسانية وصفاتها، للبحث عن السعادة المزيفة، كالبخل والطمع والحقد والحسد والأنانية والتكبر، والنفاق وغيرها من طوارد الخير والسعادة. ثم على الإنسان الباحث عن السعادة، أن يسعى إلى ترتيب أهدافه وتنظيم حياته وينظر إلى جمال الحياة والطبيعة من حوله، وهنا قد يستطيع كثير ممن يفقدون السعادة، العودة للعيش بسلام وأمن وهناء.