لا تكاد تخلو مكتبات المهتمين بالأدب الروسي من الروائيين الشهيرين دوستويفسكي وتولستوي، حيث تعد رواياتهم جوهراً راسخاً في أعماق الأدب العالمي، مثل رواية «الحرب والسلم» و»آنا كارنينا» و»الجريمة والعقاب» والأخوة كارامازوف»، والكثير من المؤلفات الشيقة التي لا تزال تنال اهتمام القراء رغم مرور قرن على رحيلهما، ما بين آراء الأدباء والمثقفين حول العملاقين الروسيين، فضّل البعض دوستوفيسكي والبعض انحاز لتولستوي، وآخرون فضلوا الوقوف بالمنتصف دون ميل لأحدهما. "نجيب و أندريه" في مقابلة أجريت مع الأديب المصري نجيب محفوظ أبدى فيها إعجابه بالأدب الروسي وأنه أقرب للأدب العربي موضوعاً وفلسفة، وذكر نجيب أسماء أدباء يعدهم عمالقة على مقدمتهم الثنائي دوستوفيسكي وتولستوي، أما الكاتب الفرنسي أندريه جيد لم يقف حائراً وقال: «هو أي، دوستويفسكي، لا تولستوي من يجب ذكره إلى جانب إبسن ونيتشه، وقد لا يكون دوستويفسكي في مستواهما فحسب، بل ربما كان أعظم شأناً منهما أيضًا. «زاوية أخرى» وقال الكاتب المغربي عبدالله العروي: عندما يقال شاعرية دوستوفيسكي، يجب أن نعلم أننا نتكلم عن هذه الشاعرية كما لو كنا نتكلم عن شاعرية فيلم أو مسلسل، وليست شاعرية اللغة وإنما شاعرية المناظر، في نظري لا يمثل دوستوفيسكي قمة الصناعة الروائية، كتب دوستوفيسكي في فصل من روايته «المراهق» قصة غير معروفة، وفيها قسم لم ينشر، فيها ثماني صفحات يميز فيه بين عمله وعمل تولستوي. يقال إن الأخير باعتباره سليل أسرة نبيلة، يعيش في جو الجمال، ويعبر عن الجمال دون إرهاق أو مجاهدة، أما أنا فأحاول أن أصل إلى جمال آخر، جمال لم يحلم فيه أبداً تولستوي». «دوستوفيسكي.. الأقرب» أما الناقد الروسي ميريجكوفسكي قال: «دوستوفيسكي أوثق بنا صلة وأقرب منا لقد عاش فيما بيننا، في مدينتا الكئيبة الباردة، ولم يخف تعقيدات الوجود الحديث وقضاياه، ولم يتهرب من عذابنا ولا من عدوى العصر، إنه يحبنا بكل بساطة، كصديق، إنه ملك لنا بكل أفكاره وعذاباته» ويضيف: «إن تولستوي يضمر ازدراءً عظيماً للمجتمع الفكري، إنه ينفر ويخيف باحتقاره وبالقسوة التي يلجأ إليها كي يدين ما هو باقٍ عزيزاً على قلوب البشر، إن دوستوفيسكي يؤثر فينا أحيانا أكثر مما يفعل الأشخاص من أقاربنا». «تحليل أدبي» في مقالة للكاتب كيفين هارتنيت نقلها إلى العربية تمييز زكي عبر موقع «كتب مملة»، تناول بها إجابات مثقفين وكتاب روسيين حول من أديب روسيا الأعظم؟، قالت الكاتبة دونا أوروين: «الاثنان ربطا الذات بالعامل الأخلاقي، فبالنسبة لدوستوفيسكي وتولستوي، الفرد هو المصدر الأعظم للخير والشر، وكذلك الطيبة التي تعتمد على الأنانية الطاغية، وأيضاً تتسم الرواية عند الكاتبين الروسيين، بالمشاعر التي تتغلب على العقل، في حين أن تولستوي أقرب إلى اليونانيين والتنوير في ربطه بين الفضيلة والعقل. أما دوستويفسكي، العقل ملطخ دوما بالأنانية، وبالتالي هو يعتمد على الحب الذي يحث الدوافع الأخلاقية، ويركز أكثر على الشر، وتضيف: «أدب دوستويفسكي يستهدف كشف الشخصية لأكبر مدى ممكن ويؤمن بأن كل فرد مميز، وبالتالي في النهاية هو غير مفهوم بالنسبة للآخرين، وشخصياته تتأرجح ما بين الخير والشر؛ وهذا يجعل مستقبل أي منهما حتى الأكثر فضيلة، غير متوقع، أما شخصيات تولستوي معقدة ولكنها ليست فريدة؛ والتنوع بينهم وهو أعظم مما عند دوستويفسكي، هو نتيجة لامتزاجات غير متناهية عملياً، وليس تنظيريا بداخل الإمكانات المتأصلة في الطبيعة البشرية. «تولستوي.. الأفضل» وفي ذات المقال، قال جوشوا روثمان، وهو كاتب في جريدة بوسطن جلوب: لديّ الأسباب المعتادة التي تجعلني أفكر أن تولستوي هو الروائي الأفضل، الحقيقة هو الأفضل على الإطلاق، التنوع الذي لا يصدق في المشاهد والموضوعات التي يستكشفها؛ أسلوبه الدقيق والمرتب، يمتاز بنبرته الملحمية التي يمزجها بين الحياد والإنسانية، أنا أقف مكتوف الأيدي أمام الطريقة التي تصف بها رواياته كل شيء من الداخل، ويكمل روثمان «روايات تولستوي فريدة بطريقة خاصة حيث إنها مبنية من مشاهد قصيرة مكتملة سهلة القراءة، وبطريقة أخرى حيث إن المشاهد تعتمد على بعضها البعض حتى تقدم أكثر الموضوعات تعقيدا بطريقة تلقائية وطبيعية». تولستوي نجيب محفوظ أندريه جيد