السياسية وغير السياسية فيها متعة وفكر وثقافة وفروق فردية في مهارات النقاش والقدرة على الموضوعية، وعرض الأفكار، وتقبل النقد وضبط الانفعالات، ومدى استعداد المشاركين للتعامل مع أسئلة المناظرة وفكر المنافسين ومفاجآتهم. في المناظرة الأولى لمرشحي الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2020، كان المتناظرون عشرة مرشحين من بينهم جو بايدن نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. تقول الاستطلاعات في أميركا أن بايدن هو الأقرب لمنافسة الرئيس ترمب. المفاجأة التي يبدو أن بايدن لم يتوقعها تمثلت في انتقادات قاسية جاءت من السيناتور السمراء كامالا هارس تتهمه بالعنصرية، وأنه يعارض السياسة العامة التي تسمح بتنقل أطفال من أحياء للسود الى مدارس معظمها من البيض. وأضافت السيناتور - وهنا عنصر المفاجأة -: كانت هناك فتاة صغيرة في كاليفورنيا تنتمي للجيل الثاني، تستقل الحافلة كل يوم للذهاب الى مدرسة عامة، تلك الفتاة الصغيرة هي أنا. أما المفاجأة الثانية فكان بطلها المرشح الشاب إريك سوالويل الذي طلب من جو بايدن أن يمرر الشعلة للشباب. هذا الشاب إريك كان عمره 6 سنوات عندما سمع جوبايدن يطالب بتمرير الشعلة للشباب، ولكن جو بايدن قال إنه متمسك بهذه الشعلة في إشارة إلى أهمية الخبرة في العمل السياسي، لكنه موقف يتناقض مع موقفه الأول حين كان في عمر الشباب.! رغم أهمية المناظرات وتأثيرها لكنها ليست العامل الأقوى الحاسم في قرار الشعب الأميركي. العوامل المتعلقة بالاقتصاد والنظام الصحي والهجرة لها تأثير قوي في الانتخابات سواء في أميركا أو غيرها. يتفاوت تأثيرها من بلد لآخر، وقد تكون السياسة الخارجية في بعض الدول هي الأقل تأثيراً في حسم الانتخابات. رغم ذلك تكتسب المناظرات أهمية خاصة وفي بعض الحالات ترجح مرشح على آخر لأنها تكشف عن شخصية المرشح وثقافته وتركيزه وقدرته على تحمل الضغوط. ومثلما تكشف المناظرات عن مفاجآت فإن نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في أمريكا قد تتضمن مفاجآت جديدة. المفاجأة لن تكون بنجاح ترمب في رئاسة ثانية، ولكن في وصول أول امرأة إلى هذا المنصب. اللافت في المناظرات السياسية هو الخروج عن النص وتوجيه النقد مباشرة إلى الشخص وليس إلى أدائه ولست أدري مدى تقبل الشعب الأميركي لهذا النوع من النقد وهل يؤثر الأعلى صوتاً في التصويت أم من يملك الرؤية المستقبلية الواضحة، والحلول العملية لقضايا المجتمع، أم من يملك الموهبة التي تؤهله للفوز في المناظرة فقط؟.