لم تكن قناة الجزيرة وأضرابها إلا مظهرا لوسائل كثيرة يوظفها الخصوم منذ سنوات لاستهداف كل ما يمثل المملكة العربية السعودية. الخصوم لم يأتوا بالأمس، فهم موجودون منذ نشأة المملكة، ولم يتركوا وسيلة أو مرتزقا إلا وجندوه. عشرات المأجورين والمقاولين ظهروا عبر الكتب والإذاعات وفي حقب متأخرة تاجروا بكل شيء عن طريق المجلات والصحف الرخيصة في مدن المهاجر في السبعينيات والثمانينيات. ومع منتصف التسعينيات بدأت الدكاكين الفضائية مسرحا لكل غاو وغاوية ممن يعتاشون على ابتداع القصص وتكبير أخطائنا، والتدخل في مشكلاتنا بالفتنة والشتيمة والنفاق وسوء الأخلاق. هذه المعلومات البدهية أوردتها سريعا فقط لتذكير الجيل الجديد بحقيقة قدم واستمرارية استهداف الخصوم لبلادنا قبل قضية خاشقجي وقبل "عاصفة الحزم" وحتى قبل استقلال إمارة قطر عن بريطانيا عام 1971م. خصوم بلادنا ليسوا خصوما طارئين، هم يبدلون أدواتهم ويغيرون وكلاءهم بحسب الظروف والأحوال. قبل سنوات كانت الحملات الإعلامية (الشقيقة) تستعدي الغرب والشرق علينا بتهمة أننا بلد لا يسمح للمرأة بقيادة السيارة، والشباب لا يشاهدون أفلام السينما إلا في البلدان المجاورة، ولما تم إقرار هذه الأمور وباتت من حقائق الحياة اليومية، ظهر (ذات) الخصوم (الأشقاء) يتباكون على حمى الدين، ومروءة العرب، في حين تطل استوديوهات قنواتهم على نوادي التعري، وتستنشق طواقمهم الإعلامية رجيع الحانات من حولهم صباح مساء. والإنسان السعودي معتاد على "أحقاد" بعض الأشقاء، ليس فقط عبر هذه الوسائل الرخيصة، أو تلك الحناجر المستأجرة، ولكن حتى في زياراته لبعض العواصم "الشقيقة"، التي تسمح بنشر الكتب والصحف التي مصدر دخلها الوحيد الشتيمة والفضائح، شريطة أن تكون السعودية والسعوديون في تفاصيلها. اليوم، يوظف الخصوم بعض الغاوين من أبنائنا وأهلنا، سواء من خدم التنظيمات والتيارات الفكرية التي تتغذى على الفتن ونشر الفوضى الفكرية، أو أولئك المخدوعين بشعارات سامية مثل الحريات والحقوق، ثم لا يلبثون أن يجدوا أنفسهم أدوات رخيصة يوظفهم الخصوم، ويدفعون بهم لشتم الوطن والتبرؤ من الدين والقيم مقابل بطاقة هجرة زهيدة أو شقة رخيصة، شريطة أن يكون ضميره سلعة حقيرة في سوق إبليس. مسارات :قال ومضى* (ربما) تهادن الأعداء ولكن من الصعب أن تسامح الخونة.