تُبنى قدرات الفرد في الكتابة بناءً وتكتسب اكتساباً حيث توجد الكثير من السبل التي يمكن من خلالها تطوير القدرات الكتابية، ولا بد قبل معرفة الطرق الموصلة لتطوير الكتابة الوقوف على أهميتها في حياة الفرد والمجتمع، فالكتابة تميز الأفراد بعضهم عن بعض، وتساعد على صياغة شخصية الفرد في المجتمع، وقد يكون الغرض من الكتابة أحياناً التعبير عما في النفس والتخلص من الأحزان والمتاعب، فليس غرضها إيصال فكرة أو تحقيق هدف دائماً، كما أنها لا تحتاج ورقاً وأقلاماً فقط؛ لأن حاجتها للمشاعر والأحاسيس أكثر، ولذا لا تتوقف على اللسان بل تتعدى للروح، والكتابة بالروح حينئذٍ تنزع سمع وروح ولبّ المستمع والقارئ، وأما السبيل لامتلاك ناصية الكتابة فدونك نصيحة الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي، وخلاصتها أنك لن تستطيع تحصيل موهبة الكتابة إلا بقوة كسبك واجتهادك، وإعمال فكرك، وتنمية روح النقد، والاهتمام بقراءة كتب المعاني قبل كتب الألفاظ، وحفظ الكثير من ألفاظ كتب الأدب، وإدمان النظر في قراءة كتب الحديث كصحيح البخاري، وقطع النفس في قراءة آثار ابن المقفع والجاحظ وغيرهما من أساطين الأدب، وقبل كل ذلك التحلي بالصبر؛ لأن الكتابة لن تلين لك إلا بعد سنوات من القراءة والبحث والعمل الدؤوب في المطالعة، وممارستها والتقلب في مناحيها، وأرشد الرافعي إلى طريقة فريدة يتدرب بها الكاتب المبتدئ لتنمية ملكة الكتابة عنده، وهو أن يجعل لنفسه كلّ يوم درساً أو درسين فيقرأ في كتاب من كتب الأدب ساعةً، ويختار قطعة أدبية ويقرؤها مراراً، ويتدبرها ويعيد النظر فيها، ثم يحاول معارضتها؛ بأن يحذف منها بعض العبارات أو الكلمات، ويبدلها بكلمات وعبارات من عنده، ويحاول قلب تراكبيها، ووضع ما يسدّ سدها، ولا يقصر عن ألفاظها ومعانيها، ويستمر على ذلك مدة من الزمن، ثم يرقى بنفسه إلى أن يأخذ قطعة أدبية أخرى فيعارضها بقطعة يكتبها في معناها، وبمثل أسلوبها، ولا شكّ أنه في بداية أمره ستكون بعض قطعه ضعيفة ولكن على مرور الأيام تأتي قطعه قريباً من أصلها أو مثلها، فالقطعة تمر بمرحلتين: تغيير العبارة والكلمات ثم معارضتها بقطعة من عندك تحمل نفس المعنى بعبارات وكلمات وأساليب من عندك، وإن دأبتَ في الكتابة بهذه الطريقة مع القراءة وطول النظر في الكتب وأهملتَ أمر الوقت - طال أو قصر - سينتهي بك الزمن لتكون يوماً ما كاتباً ناجحاً.