أظن ظناً يرقى لدرجة اليقين أن ليس هناك مدينة سعودية تغنى بها الشعراء من خارج المملكة مثل أبها، باستثناء - مكةالمكرمة والمدينة المنورة - ولا أدري ما السبب الأهم في هذا التميز وهذا الإلهام الشعري الذي يختص بعروس الغيم. كتب جملة من الشعراء السعوديين وغير السعوديين قصائد في أبها كقصيدة "روحي هوى السودة" للأمير بدر بن عبدالمحسن، و"يا عروس الربى" للدكتور غازي القصيبي، و"يا سحايب سراة أبها" للأمير خالد الفيصل، وقصيدة اليمني محمد مرشد ناجي "يا أبها إنت وأنا"، وقصيدة "جميلة إنت يا أبها جميلة" للفنان فيصل علوي، وقصيدة الشاعر سعيد الهندي: أهواك يا أبها البهية؟، وقصيدة أحمد رجب: قلبي حبك والله يا أبها. ومما يلفت الانتباه الشعراء غير السعوديين وهنا نتساءل: كيف عرفوا أبها؟ وكيف قفزت على ألسنتهم!؟ فقد حفظت المكتبة المعاصرة جملة من الشعراء غير السعوديين الذي تغنوا بأبها، منهم: نديم حرب، حسن الجوهري، عبدالهادي حرب، أحمد محمد شامي، يحيى السماوي، محمود سمارة، محمد الحريري، محمد سعيد ذياب، يونس سلامة ديبه شمساء. وكتبت حولها دراسات، ونالها حظ من التأليف، فهناك كتاب "أبها في التاريخ والأدب"، للأستاذ علي آل عمر، و"أبها في مرآة الشعر المعاصر" للأستاذ علي بن خضران القرني، و"شذا العبير من تراجم علماء وأدباء ومثقفي عسير"، للشيخ هاشم بن سعيد النعمي، و"المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية" للدكتور علي مصطفى صبح. وقد تكون شهرة مدينة أبها نتيجة الحملات العسكرية كحملة سليمان باشا العام 1329ه، وحصارها العام 1834م، بحملة عسكرية جردها محمد علي باشا، والحملة العسكرية العثمانية العام 1288ه وغيرها. وكذلك الرحلات الاستكشافية مثل السويسري «جون لويس بيركهارت 1814م ورحلة وليم ثيسيغر خلال إقامته في المملكة بين العامين 1936 إلى 1950م، ورحلة سانت جون فيلبي: رحالة إنجليزي من أكثر الرحالة عشقاً لجزيرة العرب. وشاعرية خالد الفيصل الذي تعلق 36 عاماً بأبها وتعلقت به، عرف بشرها وحجرها وشجرها، وكتب فيها قصائده، انتشرت خارج الوطن، وأقيمت له أمسيات شعرية في دول عربية وغربية، فكان سموه سفيراً لجمال أبها وطبيعتها، كما ترجم شعره إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والأوردية، فريشة وقصائد خالد الفيصل كانت معرفاً لأبها في الخارج. بالإضافة إلى القط العسيري الذي ارتبط بأبها وقد حققت السياحة السعودية إنجازاً عالمياً بتسجيله ضمن قائمة التراث لدى منظمة اليونسكو. وكل هذه الأمور مجتمعة "الحملات العسكرية والرحلات الاستكشافية وشهرة القط وشاعرية خالد الفيصل ساهمت في ذيوع وانتشار اسم أبها، يضاف إليها جمال الطبيعة وكرم أهلها الذي يقول عنهما الصحفي الأميركي ترايجيلاند عندما زارها العام 1975: لا نكاد نتوقف في أي مكان إلا ويأتينا أشخاص يدعوننا للضيافة، ونحن نقود سيارتنا خلال هذه القرى، وكأننا واقعون تحت تأثير سحر". د. علي يحيى السرحاني