كل عمل يقوم به الأفراد أو المنظمات مهما كان صغيراً أو كبيراً، ومهما كانت طبيعته يحتاج إلى تقييم، وكل تقييم لا يتبعه تقويم هو مضيعة للوقت. بعض المنظمات تتعامل مع التقييم بجدية؛ لأنها تؤمن بمبدأ التطوير المستمر، وبعضها تنفذ عملية التقييم بصفة مستمرة دون أن يحدث تغييراً نحو الأفضل في واقعها، يصبح التقييم في هذه الحالة إجراء روتينياً، مصير نتائجه الحفظ. في هذا الإطار تقفز إلى ذهني تساؤلات عن بعض الجهات مثل حماية المستهلك، والخطوط السعودية، ووزارة الإعلام، ووزارة الصحة، ووزارة التعليم، والمرور، والأحوال المدنية، والجوازات وهيئة الرياضة. أجد المسافة بين التقييم والتقويم مختلفة من جهة إلى أخرى.. أترك للقارئ تحديد هذه المساحة بمعيار تحقيق الأهداف وجوانب التطوير في المنتجات والخدمات، وبمعيار برنامج التحول الوطني نحو تحقيق رؤية 2030.. بعض الجهات تتعامل مع نتائج التقييم بشكل روتيني بدليل تكرار المشكلات والأخطاء رغم صوتها الإعلامي القوي، وبعضها يتطور من دون ضجيج، وتتحدث المنجزات عن نفسها، وتصبح واقعاً تؤثر نتائجه الإيجابية في حياة الناس بشكل مباشر مثل تطبيق أبشر. بعضها يكتفي بالدور التثقيفي، وبعضها يقوم بمهامه كعادة راسخة غير قابلة للتطوير، وبعضها يتحدث عن استراتيجيات دون خطط تنفيذية، وبعضها تتغير قياداتها فتبدأ من جديد.. وبعضها تعاني في مرحلة التقييم فيؤثر ذلك في مرحلة التقويم. التقييم هو طرح الأسئلة، التقويم هو تقديم الإجابات والحلول والإنجازات. من يقوم بمهمة التقييم يجب ألا يحاول إرضاء الجميع، هذه مهمة مستحيلة، والبديل هو التقييم العلمي ثم التقويم العملي الشامل لتحقيق التطوير المنشود، وهو هدف يمكن تحقيقه بالعمل الاحترافي الذي يضع أهدافاً استراتيجية وخططاً واضحة للتنفيذ والمتابعة والتقييم، وتطبيق اللوائح والأنظمة دون استثناءات.. ومن المهم ألا يأتي التقييم كرد فعل متسرع على أخطاء أو مشكلات وإنما كجزء ثابت في منظومة العمل. مجلس الشورى يقوم بدور في تقييم واقع الأجهزة الحكومية من خلال التقارير السنوية للكشف عما تحقق من تطوير وإنجازات وما يحتاج إلى تطوير، مناقشة بعض هذه التقارير تكشف أحياناً تكرار الملاحظات والجوانب التي تحتاج إلى تطوير. وليت المجلس الموقر حين يناقش هذه التقارير يسلط الضوء على مرحلة التقييم، وكيف تتم؟ ومن ينفذها؟ وما نتائجها؟ وما الخطوات التي تقررت بعدها؟ وليت المجلس يجد حلاً للجزئية المتعلقة بتاريخ صدور التقرير السنوي للجهاز الحكومي وتاريخ مناقشته. على سبيل المثال أبدى المجلس مؤخراً ملاحظة على أداء هيئة الإذاعة والتلفزيون مبيناً أنها عاجزة عن تقديم محتوى مميز ومنافس، الهيئة ترى أن التقارير التي تمت مناقشتها قديمة تمثل الأعوام (2015، 2016، 2017) أما (2018، 2019) فقد شهدت تطوراً كبيراً في المحتوى، يؤكده احتلال مراكز متقدمة من نسب المشاهدة حسب رد الهيئة. أمام هذه الحالة نسأل: ما الحل؟ خاصة أن الهيئة تقدر الدور المهم الذي يقوم به مجلس الشورى لأجهزة الدولة لتقويم أدائها، هل ننتظر مناقشة تقرير 2019، أم يبادر المجلس ويطلب من الهيئة تقريراً عاجلاً عن الوضع الراهن، أم يقوم المجلس نفسه بعملية التقييم؟