مرة أخرى يؤكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حرصه الشديد على المكتسبات التاريخية والحضارية في كل شبر من مناطق المملكة، والمسارعة في اتخاذ أي قرار أو إجراء من شأنه الحفاظ على الإرث الحضاري للمملكة، مهما كانت الجهود المبذولة، أو التكلفة المالية المطلوبة، ولعل توجيه سموه الكريم بدعم مشروع ترميم 56 مبنىً من المباني الآيلة للسقوط بجدة التاريخية، بمبلغ 50 مليون ريال في مرحلته الأولى، خير شاهد على هذا الحرص، فضلاً عن كونه يحمل رسالة مهمة، أن تراث المملكة وتاريخها، هو محل اهتمام ولاة الأمر، الذين يسخرون له كل إمكانات البلاد، من أجل الحفاظ عليه سليماً صامداً على مر السنين. توجيه ولي العهد، بما شمله من دعم مالي سخي، وتوجيهات كريمة بالمحافظة على المواقع الأثرية في جدة، بحالة ممتازة وبقائها كشواهد راسخة على العمق الحضاري للمملكة، جاء في إطار "مشروع شامل" له رؤيته وبرامجه، ومن ثم له أهدافه العليا، وأهمها إحياء تراث المواقع ذات القيمة الثقافية الكبيرة في جدة القديمة، وإنقاذها من الانهيار الذي يتربص بها منذ فترة، ولا نستبعد أن يكون هذا المشروع، ضمن استراتيجية وخطة عمل ممنهجة، تسير عليها المملكة، من أجل الحفاظ على مواقعها التراثية والثقافية القديمة، وهو ما يتماشى ويتواكب تماماً، مع متطلبات رؤية 2030، التي أعلنت أهدافها وخططها لتطوير المشهد الثقافي والتراثي والمحافظة عليه، عندما دعت إلى ضرورة إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم، ورفع عدد المواقع التراثية المسجلة في اليونسكو إلى الضعف، تأكيداً لقول ولي العهد، عندما تساءل سموه في مقابلة تلفزيونية: "معقول تكون قبلة المسلمين، وأهم بلد إسلامي، وما عندك متحف إسلامي في المملكة العربية السعودية! هذا هل يعقل؟". ويبقى الأجمل والأروع في مشروع ترميم 56 مبنىً بجدة التاريخية، توجيه سمو ولي العهد، بأن يكون القائمون على إدارته وتنفيذه، هم أبناء الوطن من أصحاب الخبرة في هذا المجال، إيماناً من سموه بأن "المواطن" دون سواه، هو الأجدر بالمحافظة على تراث ومكتسبات وطنه، وفي هذا رسالة ضمنية بسعودة هذا القطاع بالنسبة الكاملة، وعلى الجهات المعنية من جامعات ومؤسسات، الاستعداد لهذا الأمر بشكل سريع وعاجل.