بات من الضروري أن نعمل على إيجاد خيارات أكثر للسياحة في المملكة وأن نقلب صفحات أطلس السياحة الطبيعية في كل منطقة لنكشف عن الكثير من الخيارات. باعتقادي أن توجيه بوصلة السياحة في الباحة إلى الأحمية يُعد تنويعا وقيمة مضافة للسياحة، كما أنه يُعد كشفا لخيار ذي موروث ثقافي وبيئي سيفتح المجال إلى المزيد الخيارات تضاف الى منظومة السياحية في المنطقة وصولا إلى تنوع سياحي وإلى فرص استثمارية جديدة. فمن الشواهد التاريخية والموروثات البيئية الجميلة في الباحة ما يسمى بالأحمية وهي أسوار طويلة مبنية من الحجارة ، وتمتد بالكيلومترات على سفوح الجبال، كحمى بني سار وحمى الأزاهرة، وحمى الحميد، وحمى قذانة، وغيرها من الأحمية التي تنتشر في تلك النواحي. والحمى في تعريفه هو: «نظام رعوي منظم يتفق فيه أبناء القبيلة الواحدة على تنظيم الرعي داخل ذلك الحمى والاستفادة من نباتات وحشائش المنطقة المحمية والتي عادة تسور بسور حجري يمنع دخول المواشي إلى حرمه إلا بأزمان وفترات معروفة. ويهدف الحمى عند أهل الاختصاص إلى حماية المراعي من الرعي الجائر لاستعادة المنطقة المحمية نشاطها وحيويتها وإعطاء الأشجار والنباتات فرصة التكاثر مما يسهم في تكوين وحدة تكاثرية ويتيح لها ما يسمى بالدورة الرعوية. كما أنها بمثابة الملاذ الأخير للمواشي إذا أجدبت الأرض ونقص المرعى. ولأهمية الحمى قديما فقد ذكر الهجري أن الناس كانوا يتقاتلون على الحمى أشد القتال، وأن الخليفة عمر بن الخطاب كان يعين من يشرف عليه ويزوده بالوصايا التي توضح الغاية من الحمى وتنظم الرعي في حدوده. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمي للناس حمى، فقد حمى لوفد الأزد بقيادة صرد بن عبدالله الأزدي، عندما وفد على الرسول هو وبعض قومه فأسلم وحسن إسلامه. وحمى الأزاهرة من أهم وأكبر الأحمية الموجودة اليوم ولا يزال العمل به قائما إلى يومنا هذا وقد وجدنا داخله مجموعة من الإبل والأبقار كما وجدنا فيه تنوعا نباتيا كبيرا. وقد أعيد بناؤه وترميمه قبل أكثر من 40 سنة تقريبا بجهود جماعية، ويطلق عليه اسم (شدانة) والشدن في اللغة: شجر له رائحة زكية له نور شبيه بنور الياسمين. وشدن الظبي ترعرع واستغنى عن أمه.