في تجربة الحياة نحن نعيش وفق مجموعة قوانين ومنها قانون الازدواجية والذي ينص على أن الليل يكون بمقابله نهار والسماء تقابلها الأرض والفرح يقابله الحزن والشجاعة يقابلها الجبن، وهكذا في ازدواجيات لا تنتهي ولا تبلغ حداً. وابتداء نقول بأن الهمَّ هو كل ما يشغل بالك، ويستهلك من طاقتك النفسية في أبعادها الثلاثة -الأفكار والمشاعر والسلوكيات- فتجد من يدخل في تلك التجربة ينغمس جداً في شاشة الفكرة المحزنة ومستغرقاً بها والأعجب بأن العقل مزود بآلية مضاعفة الفكرة السلبية فتجدها مثلاً تبدأ بواحدة ولكنه يبدأ يجزؤها إلى اثنتين وثلاث وربما أكثر وهذا يعمل على إغراق صاحبها أكثر وأكثر. وبما أننا سنقوم بنزهة حية في تجربة الهم فأولاً: لتدرك بأن الحياة أكبر من همك الذي أصابك, فلو افترضنا بأن حياتك كشريط سينمائي فإنه من الطبيعي أن يحتوي على مجموعة من السيناريوهات والتي بها عدد من اللقطات اللامتناهية فتكون تجربة الهم هي واحدة من تلك السيناريوهات وليس كل شريطك السينمائي فماذا نستفيد من ذلك؟ نستفيد أن تجربة همك الذي أصابك ستنجلي لأنك ستدخل في سيناريو جديد ليس فيه الهم؛ هي هكذا طبيعة حركة الحياة. إن سيناريو الهمِّ على ما تظنه فيه من قسوة وألم هي تريد في العمق أن تقدم لك شيئاً ما ولا تسألني ما هو ذلك الشيء!؟ لأنك أنت الوحيد القادر على ذلك بشرط واحد وإلا فلن تصل إليه؛ هذا الشرط هو أن تحذر من عقلك وتخطيطه بأنه سيساعدك في تجاوز همك، وأنه هو القادر على التعامل معه وبالتالي فلن تسمع له إلا صراخاً وضجيجاً ومصارعة ولما تظنه مشفقاً عليك يبدأ يهمهم لك بالسلبية وتفريعاتها التي لا تخطر على بال أحد. ثانياً: عليك باستمداد الفائدة من تجربة الهم يقول المفكر فاديم زيلاند في كتابه (التنزه حيا في اللوحة السينمائية) ترجمة الأستاذة سوزانا الفرا:(كي تحول واقعك إلى عالم رائع ومريح فإن عليك أن تنتهج مبدأ وحيدًا وبسيطًا وهو: في كل شيء أوجد الفائدة. وبشكل حرفي أن تستمد الفائدة من كل حدث حزين ذلك أن أي حدث أو موقف ينطوي على الإيجابي كما السلبي. والواقع يحمل الكثير من الإزدواجية، وأينما وجد الأسود حتمًا سيوجد الأبيض) ثم تحدث عن موضوع في غاية الأهمية وهو كيف لنا أن نستمد الفائدة كما ينبغي وذكر ثلاث منها: الأولى: أن تستيقظ في الوقت المناسب وتدرك محفز الرفض كأن يكون هماً أو انزعاجاً.. والثاني: أن تنقل انتباهك إلى مركز الوعي كي تنفصل عن سيناريو الهم الذي يمر بك وتقفز إلى سيناريو بديل حيث يعمل كل شيء لمصلحتك والثالث: ألا تقاوم تجربة الهم الذي تمر فيه.