احتضنت مدينة حريملاء القريبة من العاصمة الرياض الشيخ محمد بن صالح بن سلطان، الذي ولد يتيم الأب عام 1337ه الموافق 1916م؛ إذ توفي والده في الهند قبل ولادته، وتربى في بيت عمه، الذي اقترن بوالدته، وتعلم القراءة والكتابة، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم على يد أحد الشيوخ في بلدته حريملاء. سافر إلى مدينة الرياض مع الشيخ حسن بن محمد بن دغيثر في سن مبكرة عام 1353ه، والتحق بالمجاهدين في مدينة رنيه، وقد عمل بعد ذلك في إمارة رنيه وتدرج في عدد من المناصب. عمل كاتبا للبرقيات في إمارة نجران ثم كاتبا للبرقيات في ديوان الملك عبدالعزيز آل سعود في الرياض، انتقل بعد ذلك إلى وزارة الدفاع والطيران ليكون رئيسا لمكتب الوزير الأمير منصور بن عبدالعزيز آل سعود، ثم عين بعد ذلك مديرا لوزارة الدفاع والطيران. في عام 1376ه صدر الأمر الملكي القاضي بتعيينه وكيلا عاما لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة، واستمر في عمله إلى أن تم نقله إلى الديوان الملكي عام 1383ه رئيسا لمكتب الشؤون الإسلامية إلى أن تقاعد. بعد التقاعد من العمل الحكومي شغل الشيخ محمد بن صالح منصب مدير عام لشركة أسمنت اليمامة السعودية المحدودة عام 1963م، وعمل فيها سنتين، ثم شغل منصب مدير عام شركة كهرباء الرياض وضواحيها لمدة عامين أيضا، بعدها استقال ليتفرغ لإدارة مشروعاته الخاصة. اكتسب الشيخ محمد بن صالح بن سلطان خبرة واسعة في الإدارة بحكم عمله في مناصب حساسة في الدولة لمدة 33 عاما، خدم بها وطنه بكل تفان وإخلاص، وانعكس ذلك على نجاح مشروعاته الخاصة. أهم أعماله الخاصة تعددت أعمال الشيخ محمد بن صالح بن سلطان التجارية، ولكنها لم تخل من أعمال الخير وإعانة المحتاجين وبناء المساجد داخل المملكة وفي الدول الإسلامية الأخرى، وكان همه الأول رعاية الأيتام والأرامل، حيث اهتم ببناء المساجد، وقام بدعم الجمعيات الخيرية، وتأسيس جيل يحفظ كتاب الله، قام -رحمه الله- بإدارة بيع وشراء الأراضي، حيث أشرف على إنشاء المستشفى الوطني مع المؤسسين من رجال أعمال وأطباء، وقام بالإشراف على أعمال شركة المنتجات الحديثة "كراش"، وشارك في تأسيس بنك الجزيرة السعودي مع عدد من المؤسسين، وعمل رئيسا لمجلس إدارة البنك لدورتين. ولم يكتف بذلك، بل قام بتكوين وتأسيس المؤسسة الصالحية للتجارة والتوكيلات والأدوية بالرياض، وفروعها بجدة والدمام، ثم أسس مؤسسة وردة الصالحية بالرياض وفروعها بجدة والطائف والخبر، لم يكتف بذلك بل قام بتأسيس المدرسة الصالحية لتحفيظ القرآن الكريم للبنين وللبنات في مسقط رأسه في مدينة حريملاء، وكان يذهب هناك كل عام لتخريج دفعة جديدة من حفظة كتاب الله. ولحبه لمسقط رأسه فقد أسهم في تطوير بلدة حريملاء، وذلك ببناء دار الجماعة للاحتفالات مع عدد من المساهمين من أهل القرية، إضافة إلى مقر نادي الشعيب الرياضي، وخلال تلك الفترة شغل -رحمه الله- عديدا من المناصب. المناصب التي شغلها انتخب الشيخ محمد بن صالح بالإجماع كأول رئيس للمجلس البلدي لمدينة الرياض، وهي وظيفة فخرية استشارية بالانتخاب ومدتها ثلاث سنوات. وقد جددت دورتين متتاليتين من عام (1390 – 1396ه). عمل عضواً في هيئة تطوير مدينة الرياض، وكان رئيسا للمجلس البلدي لمدينة الرياض، وهو منصب فخري لمدة ست سنوات. عمل عضواً في مجلس إدارة البنك الزراعي العربي السعودي، كما كان عضواً في مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع. عمل نائباً لرئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للطوب الرملي، كما كان عضوا فاعلا في مجلس إدارة جمعية البر بالرياض، وكان أيضا عضواً مؤسساً للجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض "إنسان". عمل عضواً بمجلس إدارة بنك الجزيرة، ثم رئيساً لمجلس إدارة البنك لدورتي (1989م – 1994م)، أيضاً عمل كعضو مؤسس بشركة القصيم الزراعية. كان -رحمه الله- من المؤسسين في مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحافية، ثم انتخب رئيساً لمجلس الإدارة، حيث تكرر انتخابه كرئيس لمجلس الإدارة على مدى 20 عاماً حتى وفاته (1404ه - 1424ه). نهر عطاء لا ينضب أسهم الشيخ محمد بن صالح بن سلطان -رحمه الله- في عديد من الأعمال الخيرية داخل وخارج المملكة، فقد كان عضوا رئيسا في بعض اللجان التي شكلت لجمع التبرعات لبعض الشعوب الإسلامية لمواجهة الكوارث والمحن التي تعرضوا لها، فقد خصص من ماله وأرباحه السنوية دعماً سنوياً لمعظم الجهات والمؤسسات الخيرية داخل المملكة، التي يزيد عددها على 400 جهة، كما تبرع لإنشاء نادي الشعيب الرياضي في حريملاء. الدروع والأوسمة تقلد الشيخ محمد بن صالح بن سلطان -رحمه الله- عددا من الأوسمة أهمها: وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى عام 2003م في مهرجان الجنادرية الثقافي من الملك عبدالله بن عبدالعزيز كأحد رجال الأعمال المتميزين، ويعد أرفع وسام في المملكة، كما حصل على عديد من الدروع وشهادات التقدير من جهات مختلفة. وفاته وفي يوم الجمعة (15/07/1424ه الموافق 12/09/2003م)، فجعت أسرة الشيخ محمد بن صالح وجميع من عمل معه وجميع محبيه وأصدقائه بوفاته، وتم دفنه -رحمه الله- في مقبرة العود، تاركا خلفه أسرة متميزة تتكون من الأبناء سلطان ومنصور وعبدالعزيز وخالد -رحمه الله-، ومن البنات نورة ونوف وجواهر وهيفاء وسلطانه وسارة، وزوجة مؤمنة بقضاء الله وقدره، وقد سارت أسرته على نهجه من بعده في أعمال الخير والعطاء وفاء له وعرفانا بمسيرته الطيبة. الشيخ مع الملك سلمان أثناء عمله في وزارة الدفاع الشيخ محمد بن صالح يتقلد وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى الشيخ ابن سلطان مع الملك فيصل (رحمهما الله) وبعض الأطباء الزائرين للمستشفى الوطني الشيخ في شبابه