غالباً ما نتخذ القرار لحل مشكلة أو معضلة، أو لتسهيل الإجراءات سواء للفرد أو المجموعة؛ وقد نتخذ القرار لتجنب أو لتحجيم نتائج غير مرغوبة أو سلبية. على المستوى الفردي، نمر بمسارات صعبة لاتخاذ القرارات، خاصة تلك التي يترتب عليها تغييرات في حياة الآخرين! ولكن كيف يتخذ المسؤول القرار؟ في السياسة العامة، نأخذ في عين الاعتبار مفهوم «القيادة» كأرضية صلبة ننطلق من خلالها في اتخاذ وتقييم أي قرار. بمعنى أن صانع القرار ينطلق من خلال معرفته وسلوكه القيادي لمعالجة قرارات تصنع الفرق في حياة المجتمع؛ ولنحدد نطاق هذه المقدرة القيادية، يجب أن نحدد أولا نطاق ممارستها في السياسة العامة، والتي نعني بها الإجراءات المرتبطة بأجهزة القطاع العام سواء كانت؛ خطط عمل، أو إجراءات تشريعية، أو قوانين، أو أنظمة، أو مبادرات، أو برامج؛ ولكن هل يحتاج صانع القرار أن يبدع حلولاً مختلفة أم يطور القرارات الحالية؟ التحدي الأكبر لصانع القرار هو الوقت والجدوى من القرار! لذا يبقى هاجس النطاق الزمني خاصة على المدى القصير والمتوسط الشغل الشاغل لصانع القرار وفريق عمله، والسبب أن ذاكرة الجمهور والتأثير عليهم يتم دغدغتها بالأثر المباشر الذي يصنع الفرق في محيطهم. مع العلم أن المصلحة المجتمعية في ممارسة السياسة العامة قد تتطلب معالجات ذات جدوى مستدامة على المدى الطويل. وبالتالي، لا تتوارى عين صانع القرار عن الرأي العام من جهة وعن من ولاه الثقة من جهة أخرى. في الوقت نفسه، يُنصح بالموازنة بين القرارات ذات التأثير المباشر على المدى القصير والمتوسط، وبين القرارات المستدامة ذات المدى الطويل، ولكن يبقى السؤال قائما، كيف للمسؤول اعتبار المصلحة الوطنية والسياق الزمني في آن واحد قبيل اتخاذ القرار؟ وللجواب على السؤال أعلاه، نحتاج إلى استيعاب أدوات تحليل القرارات، والتي تمكن الفريق القيادي لصانع القرار من رفع مستوى نجاح الإجراءات، ومن أهمها أنموذج صنع القرارات المنطقية. هذا المنهج يحوي باختصار خمس خطوات لتحليل سياسة الرأي العام؛ الأول تعريف وتحليل المعضلة وتحديد تواجدها في الرأي العام، والثاني بناء القرارات البديلة والتمهيد لها بمعنى أن يُوجد صانعو القرار أسساً عملية ومنطقية لجدوى القرارات أو السياسات المزمع اتخاذها، والثالث تطوير معايير تقييم «القرار» والتي من خلالها يستبق صانعو القرار الزمن لاستيعاب أثر القرارات المستقبلية أو تطوير القرارات الحالية، حتى يتسنى لهم اختصار الجهد والتكاليف واتخاذ قرارات حكيمة وعقلانية، والرابع تقييم القرارات البديلة والتأكد بأن القرار المزمع اتخاذه يتمتع بأعلى درجات التأثير في الرأي العام وذو جاهزية لبدء تطبيقه بأكثر جدوى ممكنة، وأخيراً استخلاص النتائج وهي خطوة تعتمد على اختيار أفضل البدائل بعد تمحيصها والدفع بكل الظروف الممكنة ليكون القرار الوليد هو الأكثر فاعلية.