عندما سُئل وزير خارجية الولاياتالمتحدة مايك بومبيو: "هل من الممكن يا ترى أن يكون ظهور الرئيس الأميركي في هذه الفترة كظهور الملكة الإيرانية "أستير" التي أنقذت اليهود من الإيرانيين"؟ أجاب: "أعتقد وبالتأكيد أن هذا ممكن"!. بالطبع فإن المقصود هو اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية التي احتلها الإسرائيليون في حرب عام 1967، واعترافه قبل ذلك بضم القدس إلى الدولة الإسرائيلية ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وهذا ما لم يفعله وربما لم يفكر به أيٌّ من الرؤساء الأميركيين منذ عام 1948، ولاحقاً منذ احتلال الضفة الغربية بما فيها الجزء الشرقي من المدينة المقدسة في يونيو قبل أكثر من نصف قرن بقليل. والمشكلة هنا هي أنَّ المبالغة قد وصلت إلى حدٍّ غير معقول من تضخيم لإمكانات إيران العسكرية، والقول إن الله قد سخر دونالد ترمب ليكون رئيساً للولايات المتحدة لحماية إسرائيل منها، وكل هذا والمعروف أنَّ الدولة الإسرائيلية كانت قد امتلكت السلاح النووي منذ فترة مبكرة بعيدة، وأنها تمتلك من الإمكانات العسكرية التي هي في حقيقة الأمر إمكانات وقدرات أميركية ما يجعلها قادرة على كسر العمود الفقري الإيراني في ضربة واحدة. ويقيناً أنه كان بإمكان إسرائيل أن تحول دون أي وجود عسكري إيراني في سورية لا في هيئة "ميليشيات" مسلحة ولا في هيئة قوات نظامية، لكنها لم تفعل ذلك، لأنها كانت تريد هذا الوجود كمبرر للاعتراف بضم هضبة الجولان والادعاء، كما يقول الأميركيون، أن سيطرة الإسرائيليين عليها هي الضمان الوحيد لأمن الدولة الإسرائيلية وبالطبع فإن هذه كذبة كبرى وأنها حجة مكشوفة للاستمرار باحتلال هذا الجزء الإستراتيجي من الأراضي السورية. والواضح من كل هذا التحول الأميركي وكل هذه الادعاءات الأميركية أن المسألة لا تقف عند حدِّ إسناد بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة، التي غدت تقف على الأبواب، بل تتعداه إلى ما هو أبعد كثيراً من هذه القضية الانتخابية، وإلاّ ما معنى أن يقول بومبيو وهو يقف عند حائط البراق الإسلامي، الذي يعدّه الإسرائيليون أنه "المبكى اليهودي"، وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي ليشيد بالعمل الذي قامت به الإدارة الأميركية للتأكد من بقاء "هذه الديموقراطية في الشرق الأوسط المتمثلة بالدولة الإسرائيلية"، وحقيقة أن هذا الادعاء هو أحد الادعاءات الكثيرة الكاذبة التي أقيمت على أساسها دولة إسرائيل الصهيونية كمشروع استيطاني استعماري على الأراضي الفلسطينية العربية.