تقبل علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي على مستقبل مجهول بعد تصويتات البرلمان البريطاني خلال الأسبوع الماضي، إذ ووجهت الاتفاقية التي توصلت إليها "ماي" مع الإتحاد الأوروبي بالرفض، حيث صوت النواب ضد الاتفاق بأغلبية 432 صوتا مقابل 202 صوت، وبعدها رفض البرلمان الخروج بدون اتفاق وأيد تأجيل موعد الخروج الذي كان مقرر في 29 مارس. ويعد تطبيق "بريكست" بدون اتفاق مخاطرة كبيرة حيث تمتد آثاره إلى عدة جوانب ستكون سلبية على الطرفين، فجميع التعاملات التجارية القائمة حاليا والخالية من القيود ستنتهي على الفور بين الطرفين، وستدخل بريطانيا في حالة ركود اقتصادي تحتاج إلى مدة طويلة للتعافي منها. وستتأثر الصناعات الألمانية المشتركة مع بريطانيا، فأكثر من 2500 شركة ألمانية لديها 400000 عامل في بريطانيا، وتصل تقديرات تكلفة "بريكست" على الشركات إلى تسعة مليارات يورو، وأما بالنسبة لإيرلندا فستتأثر اقتصاديا بشكل كبير نظرا للارتباطات الاقتصادية والتجارية مع بريطانيا خاصة أن معظم صادرات وواردات إيرلندا من بريطانيا تأتي عبر الشاحنات من إيرلندا الشمالية التي مازالت تحت سيطرة بريطانيا، حيث بلغ إجمالي صادرات إيرلندا إلى العالم في عام 2017 نحو 160 مليار دولار، أغلبها من اللحوم والألبان والجبن، و22 مليارا من هذا المبلغ صادرات إلى بريطانيا، في حين تبلغ واردات إيرلندا من العالم نحو 75 مليار دولار منها 34 مليار دولار من بريطانيا وحدها. وقد يكون "بريكست" أول حلقة من سلسلة الانسحابات لدول الاتحاد، فمثلما كانت أعداد المهاجريين الأوروبيين الكبيرة في بريطانيا هي أحد اهم الأسباب لرغبتها بالخروج فقد تكون ألمانيا هي التالية، إذ تصل أعداد المهاجرين الذين يعيشون في ألمانيا نحو 4,1 ملايين من مواطني الاتحاد الأوروبي، وبعد الاستفتاء العام في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي طالب العديد من الأوروبيين بلدانهم أيضا بإجراء استفتاءات وطنية حول الاستمرار في عضوية الاتحاد الأوروبي. وأدرج ثاني أكبر حزب ألماني المدعو ب"البديل من أجل ألمانيا" إلى برنامجه بنودا حول احتمال انسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي في حال عدم إصلاحه، كما دعى بعض المشككين الأوروبيين الألمان إلى تحويل الاتحاد الأوروبي من جديد إلى اتحاد اقتصادي لا غير والتخلي عن التدخل في السياسية الوطنية للدول الأعضاء فيه. كما طرح حزب "البديل من أجل ألمانيا" فكرة رفع العقوبات المفروضة على روسيا وخروج ألمانيا من آليات السياسة الخارجية المشتركة، وفي المجال الاقتصادي يقترحون التخلي عن اليورو والعودة إلى استخدام العملة الوطنية الألمانية، وهذا ما يدعو إليه الحزب منذ تأسيسه عام 2013. ويعتقد السياسيون بأن الاتحاد الاوروبي يواجه أكبر المخاطر على مستقبله في الوقت الحالي وخصوصا أنها من قبل الدول التي تلعب أهم دور في الاتحاد الاوروبي مثل بريطانيا، وتعد ألمانيا أقوى دولة بالاتحاد بعد خروج بريطانيا فإذا حذت ألمانيا حذو بريطانيا فسيختفي الاتحاد الأوروبي بكل بساطة.