تشهد العلاقات السعودية العراقية عهداً جديداً مع حراك اقتصادي تجاري يخدم الشعبين الشقيقين، مع إنشاء المجلس التنسيقي السعودي العراقي، وكذلك تبادل الزيارات بين المسؤولين بين البلدين التي رسمت طريق عودة العراق إلى حضنه العربي، وكانت الزيارة الأخيرة للعاصمة العراقية قبل أيام لمعالي وزير التجارة والاستثمار د. ماجد بن عبدالله القصبي على رأس وفد حكومي رفيع المستوى يضم وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، ومحافظ هيئة المواصفات والمقاييس والجودة د. سعد القصبي، ونائب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م. عبدالعزيز العبدالكريم، وعدداً من كبار مسؤولي الجهات الحكومية تعبر عن رغبة المملكة الجادة وحرصها على فتح جميع مجالات التعاون مع العراق بما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، إضافة إلى أن العاصمة السعودية الرياض ستشهد اليوم الأحد أعمال ملتقى البعثة التجارية السعودية العراقية، والذي تشرف عليه هيئة تنمية الصادرات السعودية بحضور م. خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية وم. عبدالعزيز العبدالكريم نائب وزير الطاقة والصناعة وسفير العراق لدى المملكة د. قحطان طه خلف. إلى ذلك أكد رئيس هيئة المنافذ الحدودية العراقية د. كاظم العقابي ل»الرياض» أن سياسة الحكومة العراقية الانفتاح على دول الجوار، وترطيب الأجواء وإعادة العلاقات مع كافة الدول العربية والجوار، وأضاف أنه التقى معالي وزير التجارة والاستثمار د. ماجد القصبي في زيارته مؤخراً وكان منفتحاً جداً ومتعاوناً، ونقل تحيات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- للرئيس العراقي د. برهم صالح، ومباركتهما بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وتمنياتهما لها وللشعب العراقي مزيداً من التقدم والرخاء، وقال: تم التباحث مع وزير التجارة على تطوير وتوسيع التبادل التجاري بين البلدين، وهذا لن يكتمل إلا مع فتح منافذ حدودية، وتم التطرق على فتح منفذ جديدة عرعر السعودي مع منفذ عرعرالعراقي، وركز معالي الوزير السعودي على ضرورة تنظيم الإجراءات فيما يخص التجارة، وكذلك التخليص الجمركي، وتم تقديم طلب عراقي إمكانية دعم فني لهذا المجال، وقد أبدى الوزير كافة استعدادهم لكل دعم لغرض تطبيق نافذة التبادل التجاري الواحدة، والاستفادة من تجربة المملكة في موضوع الإجراءات في المنافذ، وأضاف بأنه سيرسل عدداً من العاملين لتأهيل وتدريبهم في المملكة على نافذة التبادل التجاري الواحد، وإشار إلى أنهم يسعون لفتح أكثر من منفذ مع المملكة بينها منفذ الجميمة، والمملكة أوضحت أنها مستعدة لذلك لكن ستتم بعد تجربة افتتاح منفذ جديدة عرعر، فكلما زادت المنافذ المفتوحة بين البلدين. فيما قال السفير العراقي في المملكة د. قحطان طه خلف ل»الرياض»: إن ملتقى أعمال البعثة التجارية السعودية العراقية، والذي تشرف عليه هيئة تنمية الصادرات السعودية يأتي في إطار تعزيز العلاقة بين البلدين الشقيقين، مشيراً الى أن العلاقات التجارية بين العراق والمملكة كانت في حالة ركود قبل عامين، ووصلت قيمة التبادل التجاري بين العراق والمملكة خلال العام 2017 نحو 400 مليون دولار معظمها صادرات سعودية للعراق، وفي العام 2018 ارتفع هذا المبلغ ليصل إلى مليار دولار، وأكد السفير العراقي في تصريحه أن رجال الأعمال في البلدين لديهم رغبة شديدة للعمل والاستثمار خاصة أن أرض العراق خصبة، والملتقى سيبحث الفرص الاستثمارية بين البلدين، وسيكون فرصة لتلاقح الأفكار بين رجال الأعمال، وسيعطي دفعة للأمام لزيادة التبادل التجاري، والوقوف على المشكلات التي يعاني منها القطاع الخاص، وإيجاد الحلول المناسبة لها، مبيناً أنه عند افتتاح منفذ جديدة عرعر سيكون بطاقة 150 شاحنة بالساعة الواحدة، والمملكة مشكورة قامت بتحمل تكاليف تأهيل وتحسين المنفذين، وبناء ساحة للتبادل التجاري، والعمل حالياً بالمنفذ وفقاً لأحدث التقنيات الدولية نموذجاً مميزاً للمنافذ الحديثة. من جانبه قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بغداد عبدالعزيز الشمري إن المجلس التنسيقي السعودي العراقي سيعقد اجتماعاً في أول شهر أبريل القادم في العاصمة العراقيةبغداد، وسيكون هذا الاجتماع انطلاقة حقيقية للمجلس، حيث إن الفترة الماضية كانت عبارة عن تحضيرات وتوقيع مذكرات تفاهم بين البلدين، وتم اكتمال أغلب المذكرات وسيتم من خلاله إطلاق المشروعات والدعم اللامحدود من المملكة لإخوانهم في جمهورية العراق، وسيعزز المجلس التنسيقي السعودي العراقي فرص التبادل التجاري والتعاون المشترك للارتقاء بالعلاقات بين البلدين على أفضل مستوى مستقبلاً. وفي نفس السياق أوضح المحلل الاقتصادي العراقي د. صباح علو: أن ملتقى أعمال البعثة التجارية السعودية العراقية في الرياض سيعزز التبادل التجاري بين البلدين، وخاصة أن العلاقات السعودية العراقية تشهد بين مد وجزر حسب طبيعة التأثير الإقليمي لكل من الولاياتالمتحدةوإيران، والعلاقات مبينة على استقرار المنطقة، وأكد على أن الخطوات السعودية التي قامت بها ليس الوقت الحالي بل منذ حكومة رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق د. حيدر العبادي وزيارته للمملكة، أعطت نقاطاً مهمةً جداً هي أن من غير العلاقات السعودية العراقية لن تستقر المنطقة، ولكن الجميع يدرك أن محاولات إيران استبعاد العراق عن محيطه العربي، ولكن المبادرة السعودية في الزيارة الأخيرة قبل يومين لمعالي وزير التجارة السعودي، اعطت إمكانيه أن هناك جذوراً تتعمق في الواقع السياسي والاقتصادي في العلاقات العراقية السعودية، هدفها الجوهري الأساسي ليس مسألة الموقف من إيران، وإنما استقرار المنطقة، وقد استنزفت المنطقة منذ فترة طويلة منذ عام 1991 غزو الكويت استنزافاً كبيراً جداً خصوصاً بعد التوسع والتمدد الإيراني، ولذلك فإن المبادرة السعودية في عملية تعميق الواقع التجاري والاقتصادي والانفتاح على العراق ستعطي أكلها خاصة بعد افتتاح المعابر، وسيعطي ذلك استقراراً كبيراً في المنطقة، وبنفس الوقت سيحد من طبيعة النشاط الإيراني في عزل العراق عن واقعه العربي، وقال: بأن التطور الملحوظ في العلاقات السعودية العراقية لتعزيز التعاون الاقتصادي سيحدث نقلة نوعية ومميزة في العلاقات، خصوصاً أن 85 في المئة من الصادرات السعودية للعراق خلال 2016 نقلت براً عبر الكويت والأردن، و15 في المئة بواسطة النقل البحري، لذلك فتح المنافذ يدفع تطوير العلاقات أكثر فأكثر، وكل هذا جاء بجهد دبلوماسي كثيف من جانب المملكة خاصة، لحرصها على خدمة أبناء الشعب العراقي. يذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة والعراق ارتفع بنسبة 25 % خلال العام 2018 ليصل إلى 1.142 مليار دولار.