في الماضي كانت الأصوات الغنائية الشابة عندما تسجل حضورها في الساحة الغنائية، تبدأ في البحث عن الاستقلالية في تشكيل صوت وحالة غنائية جديدة، فنجده يبحث عن الملحن وعن الشاعر صاحب الكلمات لكي ينطلق في هذه الرحلة كصوت مستقل وله خصوصية فنية. الشومر: اختفاء شركات الإنتاج أثر سلباً الآن وبوجود الإعلام الجديد أصبح أغلب الفنانين الشباب، يكتفون بإعادة غناء أعمال المطربين السابقين، ويتم تسويق تلك الأغاني عبر قنوات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجدون الصدى الجماهيري الجيد الذي يمنحهم تصوراً أنهم حققوا الشهرة والمجد الغنائي. عبدالسلام: تقليد كبار الفنانين ليس«عيباً» هذا الإغراق في موجة التقليد.!، نتج عنه جيل من الأصوات التي اختارت الطريق السهل في الانتشار "طريق التقليد"، وهو الذي جعلنا نخسر كثيراً من الأصوات الشابة. ربما لا يخفى على ذي لب بأن على وزارة الإعلام ووزارة الثقافة وهيئة الترفيه دور محوري في تبني أعمال الفنانين الشباب وبثها في كل الوسائل المرئية والمسموعة، كما هو معمول به في دول الخليج، وإقامة المهرجانات الموسمية، إلى جانب الدعم المادي والمعنوي الدائم في إنتاج أعمال الفنانين وعمل الأمسيات الشهرية على مسارح وبفرق موسيقية محترفة لإبراز المطربين الشباب. هيفاء: المحاكاة استغلال للرواد يقول الفنان عبدالسلام سالم: أنا من ناحيتي كنت أقلد وأغني للكبار مثل طلال مداح وفوزي محسون "رحمهم الله" وغيرهم من الفنانين، نعم عانيت من الملحنين والشعراء المعروفين في بدايتي الفنية، ماعدا الملحن والفنان عمر كدرس الذي شجعني وأعطاني لحناً للعيد وكانت للأطفال من كلمات صالح جلال وألحان عمر كدرس "رحمهما الله" وبعدها اعتمدت على تلحين أعمالي الخاصة، والحمدالله لي أعمال كثيرة من ألحاني وعملت لي روحاً وشخصية. وعن تقليد أعمال الفنانين الكبار ومن سبقوه، يرى عبدالسلام أنها ليست بال"عيب" في بداية المشوار، إنما العيب أن تستمر عليها دون تطوير، مطالباً بإفساح المجال والدعم للفنانين الشباب وتبني أعمالهم من قبل وزارتي الإعلام أو الثقافة أو حتى هيئة الترفيه من خلال إحياء المهرجانات والمحافل الفنية وأن لاتقتصر تلك المحافل والمهرجات على فنانين بعينهم. ويؤكد الفنان عبدالرحمن الشومر: في الماضي كانت هناك شركات إنتاج، تسهم في وجود الأغاني الخاصة، وهذا يتطلب وجود شاعر وملحن بالإضافة للفنان، ومن هنا يأتي الابتكار والإبداع في البحث عن التميز وإثبات الشخصية الفنية المستقلة، وكان من الصعب جداً غناء الأغاني المعروفة وتوزيعها بطريقة احترافية من خلال "أشرطة" لأنه يتطلب فسحاً من وزارة الثقافة والإعلام آنذاك، أما الآن مع اختفاء شركات الإنتاج أصبح هناك صعوبة كبيرة بطرح الأغاني الخاصة لتكلفتها المادية، فأجر "الشاعر والملحن والموزع" كبير، لافتاً أنه ومع وجود شبكات التواصل الاجتماعي، بأذرعها المختلفة أصبح الظهور أسهل من خلال طرح الإعمال السابقة التي تساهم وتلغي الإبداع والبحث عن هوية الفنان المستقلة، متمنياً عدم خسارة فنانين يملكون الأدوات الفنية الصحيحة الإبداعية بهذا التوجه الذي فرضته الظروف الإنتاجية الصعبة من جهة، وفي غياب الدعم من الجهات المعنية من جهة أخرى. وترجع هيفاء موسى، متابعة للشأن الفني بالمملكة، أن سبب ذهاب الفنانين الشباب للتقليد، هو الإفلاس الفني في طرح الأغاني وتقديم الأعمال من الموروث أو من أفكار الفنانين السابقين دون أي اعتبارات، وهذا يعد استغلالاً لمجهودات الآخرين، الذي من المفترض أن يتم عقابهم قانونياً، وقالت هيفاء أن هناك عدداً كبيراً من الفنانين المفلسين أو غير القادرين على مجاراة زملائهم أو تقديم فكر جديد يوازي طموحات جمهورهم. وأشارت أن هناك حزمة من الأسباب تجعل الشباب يذهبون صوب التقليد، منها غياب كلمات الأغاني واللحن وارتفاع الأسعار، مما أدى إلى هبوط للفن ورجوع الكثير لإعادة القديم. فيما ذهب عادل المطيري، كاتب في الشأن الفني بالمملكة، إلى أن شهرة الأغاني وترديدها يعد أمراً محموداً، ولكن هذا للتعريف بالفنان وبعدها يفترض أن يكون له خط خاص، ومحمد عبده وعبادي الجوهر في بداياتهم كانا يرددان أغنيات طلال مداح "رحمه الله" حتى غنى محمد عبده أغنيته الخاصة من ألحان مطلق الذيابي "سكبت دموع عيني" وعبادي الجوهر أغنيته الخاصة "يا غزال" من ألحان طلال مداح "رحمه الله" وبدأ كل فنان يشق طريقه بأغنياته الخاصة. ونوه المطيري، إلى أن شركات الإنتاج والشخصيات الداعمة والمحبة للفن يقع عليها مسؤولية دعم الفنان وكلنا يذكر الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل "رحمه الله" ودعمه للمواهب الشابة في حينها أهمهم عبدالمجيد عبدالله، وعباس إبراهيم، ومحمد الثامر، حيث أنتج لهم البومات بأسماء مهمة من حيث كتابة الأغنية والتلحين. وتأسف المطيري، على ما يحدث حالياً في الساحة الفنية، حيث يقول: إن الفنان يبدأ الخطوة الأولى للتعريف عن نفسه بالأغنيات الخالدة في وجدان الناس، ويحصل على أعجابهم في مواقع التواصل الاجتماعي ولكن ماذا بعد؟ هذا السؤال المهم الذي يجب أن يطرح على القائمين على ثقافة الأغنية وصناعها، فالموهوب والنجم يجب أن يتصدر المشهد ويخلف النجوم الكبار. وسرد المطيري، قصة حكاها رابح صقر حينما طلب من الراحل طلال مداح أن يغني في حفل كان سيده طلال مداح الذي سمح له بذلك، مستغلاً هذه الفرصة مقدماً نفسه بالشكل الذي يرضيه دون تقليد وتصنع. محمد عبده