عند أحد أطراف «روضة مهنا» على مشارف بلدة النبقية، يرتكز هناك ما يعرف ب «أبرق المذبح» وسط كثبان الرمال، التي غمرت المرتفع الصخري لتحيله إلى تل من الرمال المتجانسة مع المكان، ورغم مرور ما يزيد على 113 عاما على المعركة الشهيرة «معركة أو موقعة روضة مهنا»، التي شكلت منعطفا مهما في تاريخ هذه البلاد، وانطلاقها نحو عالم الحضارة والرقي والتقدم. لا يزال أبرق المذبح مجهولا عند كثير منا، حتى لدى بعض المؤرخين الذين لا يعرفون أنه المكان الحقيقي لحسم معركة روضة مهنا، تلك الموقعة التاريخية التي قادها الملك عبد العزيز ليلا في حلكة الظلام، كأغرب تكتيك نوعي في إدارة المعارك الحديثة، وانتهت بمقتل قائد القوات المواجهة وفرار جيشه، رغم التفوق العددي والتجهيزي، وانتصر الملك عبد العزيز في الموقعة لمسيرة وتاريخ بلاده، كما انتصر - طيب الله ثراه - لأهالي القصيم، خصوصا الذين طلبوا منه النجدة بعد تعرضهم لما عرف بمذبحة الحواشيش، وهم أربعون من الأبرياء العزل، قصدوا الروضة كعادتهم لحش؛ أي جمع، العشب أواخر الربيع، وبيعه في سوق بريدة ومدن القصيم الأخرى، قتلوا جميعا، وسلبت ملابسهم ودوابهم، وجرت العادة أن تشارك معهم النساء في حش العشب، فاستنجد أهالي القصيم بالملك عبد العزيز، الذي توجه إلى المكان، دافعه الإيمان وعزيمة رجاله، وهو يعرف تفوق قوات العدو، وقوة وبسالة رجاله المدعومين من الدولة العثمانية. ويقع «أبرق المذبح» تحديدا شمال روضة مهنا، التي كانت مسرحا للمعركة، وأخذت منها الاسم (موقعة روضة مهنا)، يقع على مسافة 7 كم «تقريبا مطلع جدي» من الروضة وشمال شرق بلدة النبقية، واستشهد على المكان ببيت من قصيدة الشاعر السياسي والشاعر المهيج المعروف / محمد العبد الله العوني من أهالي بلدة الربيعية في قوله: ساعتينٍ يشيب اللى حضرها مطلع الجدي عن روضة امهنا يوم ربى هل الدنيا حشرها لابتى يوم غاب البدر اكنا عرضونا صناديدٍ خطرها ظنهم لارتكوا ننزاح حنا ورتكينا كما طامى بحرها ثم ثار الدخن منهم و منا وقد أكد الموقع د. سليمان أبالخيل من أسرة المهنا، الذين حملت اسمهم الروضة واسم المعركة الحاسمة، مقدما تصورا لتخطيط المعركة من جانب الملك عبد العزيز، الذين كانوا قد عقدوا العزم على مباغتتهم من مشارف التلال الرملية ناحية الشمال، التي تحتضن المكان الضيق، ولكن تحركاً غير محسوب من قبل القوات المواجهة دعت قوات عبد العزيز إلى التحرك ليلا في حلكة الظلام، وفي هجوم خاطف ومباغت حقق فيه نصراً مؤزرا. ومهنا هذا الذي نسبت إليه الروضة هو مهنا أبا الخيل أحد أمراء بريدة السابقين، ونسبت إليه الروضة كونه أول من حاول إحداث عمارة فيها وزراعتها؛ وقد تسمى أيضاً روضة «اللغف» لوقوعها نهاية نفود الثويرات غرباً أو روضة الذبحا أو المذبح نسبة إلى المعركة. وفي السنوات الأخيرة، صارت تعرف بروضة النبقية لقربها من مركز النبقية، وبعد تحول الروضة إلى متنزه ومكان لتجمع ومصاب عدد من الأودية وإحالتها إلى بحيرة تمتد بضعة كيلو مترات تتكئ ضفافها الشرقية على نهاية نفود الثويرات، وتمت أخيرا حمايتها من دوس السيارات وزراعة جزء منها من قبل زراعة القصيم، ممثلة في مكتب البيئة والزراعة بمحافظة الشماسية، وبأشجار ظل من أشجار البيئة مثل الطلح والسدر، كما قامت بلدية محافظة الشماسية بمد طريق مسفلت للروضة، إضافة إلى تقديم كل الخدمات للمكان وللمتنزهين وقت مواسمها، كما أقامت مخيم ضيافة متكاملا. «الرياض» كانت قد رافقت كلا من محافظ الشماسية الأستاذ فهد الراضي ورئيس البلدية المهندس فيصل الفهيد وبحضور د. سليمان أبالخيل ومدير خدمات المياه بالشماسية م. داود الرميح للوقوف على موقع أبرق المذبح وبحث آلية مناسبة للحفاظ عليه كمعلم تاريخي، والتعريف به كمكان حسمت عنده معركة مهنا، وتنقل (الخزامى) وجهة نظر كثير من المواطنين وتمنياتهم من أمير منطقة القصيم، الذي عرف منه الحرص والاهتمام بمثل هذا الموقع، بإنشاء لوحة تعرف بالمكان وبالروضة عموما، ومعلومات مختصرة عن المعركة التي شكلت منعطفا ومنطلقا مهما في تاريخ هذه البلاد. أبرق المذبح رسالة الملك عبد العزيز قبل موقعة روضة مهنا تحولت الروضة إلى متنزه