كثيراً ما تحظى صناديق التحوط بالاهتمام من قبل متابعي الأسواق نظير قدرتها على تقليل المخاطر في اضطرابات الأسواق. إلا أن الواضح أن صناديق التحوط والمتحوطين في أسواق المال والسلع لم يستطيعوا تحقيق أداء جيد خلال عام 2018 بل وفي المجمل تكبدوا خسائر غير متوقعة. الضبابية التي طغت على أسواق المال في عام 2018 أدت إلى ما آلت إليه أداءات التحوط والمتحوطين. التحوط كأداة تخفيض للمخاطر تعريفها المبسط هو أنها استثمار في فئتين أو أكثر من الأصول التي ترتبط بعلاقات عكسية بينها في أوقات الأزمات المالية. معظم هذه الأصول المستخدمة تكون في اتجاهات سعرية مختلفة. النفط كأحد أكبر السلع تداولاً وتذبذباً في أسواق المال دائماً ما يستخدم المتداولون للنفط وسائل التحوط لتقليل مخاطر التذبذبات غير المتوقعة. استخدام هيكلية أسواق الآجل واختلافها السعري عن الأسواق الفورية هي أحد أكثر التحوطات شيوعاً. مع تعدد الطرق الحاسوبية في تقنيات التداولات تطورت معها وسائل التحوط إلا أن المفاجئ هو أن وسائل التحوط لها مخاطرها الخاصة بها. مثلاً في أوقات الضبابية كما هي الأوقات الحالية من الحرب التجارية والتخوف من دخول الاقتصاد العالمي حالة ركود فإن العلاقات العكسية المتعارف عليها بين الأصول كالأسهم والسندات أو العملات والذهب أو النفط والدولار كلها تفقد الترابطات المألوفة وتأخذ تحركاتها صبغة الحذرو لذلك فهي تفقد أبسط معايير التحوط. النفط بدوره وخلال النزول الحاد منذ أكتوبر 2018 وحتى ديسمبر 2018 فقد الكثير من عقود الأجل التي كانت تدعم أسعار النفط وهو ما تسبب في الانعكاس الشديد للحركة السعرية. على نطاق الذهب والذي دائماً ما كان الملجأ الآمن من تقلبات الأسواق فإن الظروف المالية الأخيرة دفعت بالكثير من المستثمرين بالتحول من الأدوات والأصول غير مدعومة بالقيمة المادية إلى الأدوات والأصول المدعومة بالقيمة أو العملات للاقتصاد ذي النمو الأكبر وهو الدولار الأميركي. أضاف ذلك إلى متاعب النفط في إعادة تقييمه بعد النزول السعري الحاد في الربع الرابع من عام 2018. الترابطات العكسية تضاءلت كثيراً بالنسبة للنفط فأصبحت طلبات الآجل لا تحظى بالكم الكافي من طلبات الآجل لدعم الأسعار وتكوين نقاط مقاومة وهو ما يعني استمرار النطاقات السعرية حتى تكوين وسائل تحوط جديدة ذات علاقات متعاكسة ومستمرة لفترة زمنية كافية لعقود النفط. الضبابية الحالية في الأسواق حتى وإن لم يكن الاقتصاد العالمي قد دخل في حالة ركود إلا أن توجهات المستثمرين والمؤثرين في الأسواق تتعامل مع الأسواق كما لو كانت في حالة ركود.