محمد سليمان العنقري - الجزيرة السعودية وصفت مديرة أحد متاجر الذهب بالصين إقبال الصينيين على شراء الذهب وتحديداً السبائك زنة خمسين غراماً، وكأنهم يشترون كعكاً ساخناً، فالإقبال على شراء الذهب عالمياً بلغ مرحلة غير مسبوقة منذ بداية العام الحالي، حيث تجاوزت الكميات المتداولة بالنصف الأول من هذا العام ما تم شراؤه خلال العام 2010م كاملاً، يأتي ذلك التسابق على شراء الذهب نتيجة للمخاوف من تراجع كبير بنمو الاقتصاد العالمي مع تزايد التكهنات من عودة الاقتصاد الأمريكي للركود مرة ثانية، وكذلك الوضع الاقتصادي المتردي بمنطقة اليورو وأزمات الديون السيادية فيها، لكن دخول الصينيين كمتحوطين بالذهب على مستوى الأفراد اعتبره الكثير أمراً مقلقاً، كونه سيرفع الطلب بشكل كبير وبوقت قصير كونهم يلجأون للتمويل لاقتنائه بتكاليف رأسمالية بسيطة، دون أن يكون هناك أي حساب لمخاطر الاستثمار بالذهب، وإغفال أن عائده صفر ولا يمكن الاستفادة منه الا باستمرار ارتفاع الأسعار، الذي يدعمه تداول الأخبار السيئة حول الاقتصاد العالمي وتراجع الدولار، لكن هناك حقيقة أصبحت تترسخ بالسوق، وهي أن الذهب دخل مرحلة الفقاعة، وذلك بحسب العديد من التقارير والتصريحات من مؤسسات مالية عالمية، وأنهم يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار الذهب مع ذلك، نتيجة للمضاربة الحادة عليه وترسيخ مفهوم التحوط بالذهب لدى عموم المستثمرين، دون توضيح ممن يروجون للاتجاه الصاعد للذهب، إن ما يحدث بالاقتصاد العالمي من سلبيات، سيكون لها نهاية تعيد البريق للاستثمار بالأصول ذات العوائد، مما يعني أن التحوط بالذهب بنسب كبيرة لن يكون مجدياً في الفترات القادمة التي سيبدأ فيها الاقتصاد العالمي بالتعافي، فلا بد من النظر للفرص التي ستتيحها الأسواق المالية والأصول العقارية ذات العوائد ارتفاع أسعار الذهب قد يستمر لبعض الوقت، وقد يصل لمستويات 2500 دولار بحسب توقعات بنوك عالمية، ولكن بنفس الوقت فإن أي ارتفاع قادم بأسعاره سيرفع من مستوى مخاطر الذهب كثيراً، وقد يكون العديد من التوقعات السعرية المرتفعة ما هي ألا ترويج للإقبال عليه، طمعاً لمكاسب قد تبدو مضمونة، في ظل ضبابية الوضع الاقتصادي العالمي، لكن التاريخ القريب يذكرنا بمخاطر التحوط المبالغ فيه بالذهب، فقد وصل لأسعار كبيرة العام 1980م عندما لامس 850 دولاراً للأونصة وأخذ بعدها اتجاهاً هابطاً استمر لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، حتى عوض المستثمرون خسائرهم بعودة رؤوأموالهم دون أي مكاسب.