خلال الفترة القليلة الماضية وما صاحبها من أخبار إيجابية لأسواق النفط فرض الوضع الاقتصادي العالمي نفسه على أسعار النفط وتحديداً التذبذبات المصاحبة لتجارة النفط والتداولات والمناورات المصاحبة لبيع وشراء النفط المادي وليس التداولات الورقية أو الإلكترونية. هذه التذبذبات اللحظية شهدت انحساراً كبيراً في الفترة الماضية في حين أن المحللين الماليين يعتبرونها مؤشراً لحالة التخوف ليس فقط في أسواق السلع بل حتى أسواق المال والأسهم. عالمياً هناك تردد كبير وضبابية عالية في أسواق المال بصفة عامة حتى وإن وصلت المؤشرات إلى قمم جديدة. لعل أهم المؤشرات على حالة الترقب والتوجس هو مؤشر التذبذب أو ما يسمى بصمام الخوف في الأسواق. حالياً يعتبر مؤشر التذبذب عند أدنى مستوياته وهو ما يدل على أن التخوف عند أعلى مستوياته. البنوك المركزية ومعدلات الفائدة والتخوف من الحروب التجارية ومستويات التضخم تلقي بظلالها على هذا التخوف في الأسواق. المستثمرون بدورهم يقبلون على التحوط وتقليل المخاطر فيلجأون إلى شراء الخيارات بدلاً من الأسهم وشراء العملات بدلاً من السلع بما فيها السلع الاستراتيجية على رأسها النفط. في ظل انخفاض التذبذبات تكون أسواق العملات في أوج نشاطها وذلك يرجع إلى انخفاض الخطورة في تجارة العملات بشكل نسبي. النفط بدوره هو الملاذ الآمن والوسيلة الأفضل لتحقيق نسب نمو أفضل في الأسواق وتحديداً الأسواق الناشئة. التصاعد في أسعار النفط يساعد في تحقيق نمو أفضل في الأسواق بل إن ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته كفيل برفع نسب التضخم بشكل سريع في ظل ما تعانيه الكثير من الأسواق الكبرى من تقلص في نسب التضخم. إلا أن أسعار النفط المادي بحاجة إلى تذبذبات أكبر من أجل التخلص من المخزونات الإضافية وبدء رحلة التصاعد السعري. التخوف من أسواق المال والتكهنات بتصحيح لمؤشرات الأسواق لا يدعم هذا التوجه بل على العكس فهو يحد من التداولات اليومية وهو ما يضيف إلى الثبات السعري في نطاقات ضيقة. المتاجرون بالنفط المادي يعتمدون كثيراً على تداولات الترجيح والتي تتم بطريقة سريعة وبفوارق سعرية ضئيلة فتكون مربحة كل ما اتسع الفارق السعري وزادت كمية البراميل. تدني مستويات التذبذبات السعرية لا يخدم المتداولين في النفط المادي وهم العصب الأهم والمصدر التجاري الجاهز لبيع وشراء النفط الخام خلافاً للتداولات الحسابية المالية أو الإلكترونية أو المستقبلية. التنظيمات والتداولات للمنظمات أو المؤسسات القائمة على النفط المادي سواء بطرق تنظيم الحصص السوقية أو كميات الإنتاج تخاطر كثيراً بتكوينها البنيوي عندما تقحم سياساتها في التداولات الحسابية المالية أو الإلكترونية أو المستقبلية.