هل نحن بحاجة لنظام خاص لحماية الذوق العام؟ وضعت استفتاء سريعاً عن أفضل طرق تعزيز وحماية (الذوق العام) في المجتمع وكانت النتيجة أن اختار المشاركون النظام (القانون) أولاً والتوعية ثانياً. وكلّما جدّ جديد في مخالفات الذوق العام ظهر السؤال الضخم عن الحاجة لنظام يحمي الذوق العام ويعزّزه. أفرزت المتغيّرات الاتصاليّة السريعة ودهشة الحريّة كثيراً من أنماط السلوك والعادات منها الحسن ومنها ما يستحق التأمل. ومع تراجع أو ضعف الأدوار التقليديّة لمؤسسات الضبط الاجتماعي في مجتمعات اليوم حلّت القوانين محلها في وزن بعض الأنماط السلوكيّة الجديدة التي قد تتجاوز مفهوم الحريّة الفرديّة إلى التعدي على الذوق العام للمجتمع. ومع تنوّع المفاهيم الثقافيّة إلا أن معظم المجتمعات الإنسانيّة تكاد تجمع على مجموعة من القيم والمشتركات الأخلاقيّة والذوقيّة التي تسهم في ترقية الشعور السامي بأهميّة حماية مكوّنات الجمال والحق والخير ضمن منظومة أخلاقيّة يدعمها القانون والثقافة وتربي الذوق الرفيع عند الفرد برعاية المجتمع ومؤسساته الرسميّة وغير الرسميّة. وبناء على ذلك يمكن القول إن حماية الذوق العام تعني بصيغة عموميّة دعم وحماية جهود تعزيز "الذوق العام" في التعامل مع الناس ومرافق حياتهم ومدارات نشاطهم وتواصلهم وحركتهم. ومن ضمن ذلك الأخذ بكل ما يمكن من إجراءات (ومنها القوانيين) يؤمل أن تسهم في الارتقاء بالإحساس العام لشرائح المجتمع، وتكفل احترام حريات الآخرين ومراعاة أحاسيسهم، وعدم التعدي بالقول والفعل على ما يمكن أن يخدش الذوق العام. ومن ذلك مظاهر التلوث السمعي والبصري واحترام خصوصيات الناس في المرافق العامة والمناشط، وعبر الخدمات المقدمة بصفة جماهيريّة عبر مختلف الوسائل السمعيّة والبصريّة. إن العناية بالذوق العام (قانوناً) مع تدعيم جهود التوعية سيعززان (قيمة) هذا المفهوم ويحدان من الاجتهادات التطوعيّة التي قد تربط مظاهر الذوق العام بفئة أو بشريحة إلى مفهومه الأوسع الذي يكفل حريّة التصرف والترفيه وممارسة الأنشطة بمسؤوليّة ودعم مجتمعي. وفي عصر الاتصال والتوثيق الإلكتروني شاهدنا جميعاً بعض مظاهر مخالفات الذوق العام وكيف أمست وأصبحت مادة (إعلاميّة عالميّة) مثيرة لتشويه صورة المجتمع وانطلاقته نحو تحقيق رؤيته ومستقبله الذي يليق به. * قال ومضى: إذا لم تستطع تعليم الذوق العام.. فلا أقل من حمايته.