القنص والصيد والطرد من معالم الحياة العربية على مرّ التاريخ، حتى أُلّفت فيها الكتب، وقيلت فيها الأشعار الكثيرة والأراجيز، ووصفت خلالها رحلات الصيد ووسائلها من صقور حرة وبُزاة وكلاب مُعَلّمَة وسهام نافذة ونحو ذلك.. ويتدرج الصيد عند العرب من الحاجة المُلحّة لسدّ الجوع - أيام المسبغة- إلى كونه هواية محببة وفروسية محسوبة، ومتعة لدى علية القوم.. يمثل الصيد كحاجة ضرورية للبقاء قول الخطيئة في وصف مسرحي فريد: طاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ ببيداءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما أَخي جَفوَةٍ فيهِ مِنَ الإِنسِ وَحشَةٌ يَرى البُؤسَ فيها مِن شَراسَتِهِ نُعمى وَأَفرَدَ في شِعبٍ عَجُوزاً إِزاءها ثَلاثَةُ أَشباحٍ تَخالُهُمُ بَهْما حُفاةً عراةً ما اغتذوا خبزَ ملةٍ ولا عرفوا للبُرّ مُذْ خُلقوا طعما رَأى شَبَحاً وَسطَ الظَلامِ فَراعَهُ فَلَمّا بَدا ضَيفاً تَشمَّرَ وَاِهتَمّا فقال هيا رباهُ ضيفٌ ولا قِرى بحقك لا تحرمه تالليلة اللحما وَقالَ اِبنُهُ لَمّا رَآهُ بِحَيرَةٍ أَيا أَبَتِ اِذبَحني وَيَسِّر لَهُ طُعما وَلا تَعتَذِر بِالعُدمِ عَلَّ الَّذي طَرا يَظُنُّ لَنا مالاً فَيوسِعُنا ذَمّا فَرَوّى قَليلاً ثُمَّ أَجحَمَ بُرهَةً وَإِن هُوَ لَم يَذبَح فَتاهُ فَقَد هَمّا فَبَينا هُما عَنَّت عَلى البُعدِ عانَةٌ قَدِ اِنتَظَمَت مِن خَلفِ مِسحَلِها نَظما عِطاشاً تُريدُ الماءَ فَاِنسابَ نَحوَها عَلى أَنَّهُ مِنها إِلى دَمِها أَظما فَأَمهَلَها حَتّى تَرَوَّت عِطاشُها فَأَرسَلَ فيها مِن كِنانَتِهِ سَهما فَخَرَّت نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينَةٌ قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ وَيا بِشرَهُم لَمّا رَأَوا كَلْمَها يَدمى فَباتَوا كِراماً قَد قَضوا حَقَّ ضَيفِهِم فَلَم يَغرِموا غُرماً وَقَد غَنِموا غُنما وَباتَ أَبوهُم مِن بَشاشَتِهِ أَباً لِضَيفِهِمُ وَالأُمُّ مِن بِشرِها أُمّا وسيّد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه- كان من هواة الصيد، وهو من شجعان العرب المعدودين - وكان من ضمن صيده الأسود، حين كانت جزيرة العرب فيها مختلف السباع.. ومن الشعر الذي يدل على اتخاذ الصيد متعة وهواية، قول ابن نواس - وقد أبدع في الوصف إلى آخر حدّ -: لَمّا تَبَدّى الصّبْحُ من حِجابِهِ كطلعة ِالأشْمطِ من جلبابهِ وانعدلَ الليلُ إلى مَآبهِ كالحبشيّ افترّ عن أنْيابِهِ هِجْنا بكَلبٍ طالَما هِجْنا بهِ ينتَسِفُ المِقْوَدَ من كَلاّبهِ من صَرَخٍ يغلو، إذا اغلوْلى بهِ، ومَيْعة ٍ تَغْلِب مِنْ شبابِهِ كأنّ متنيه لدى انسلابهِ مَتْنا شُجاعٍ لجّ في انْسِيابهِ كأنّما الأُظْفورُ في قِنابهِ موسى صناعٍ رُدّ في نصابهِ تراه في الْحُضْرِ، إذا ها ها بهِ ، يكادُ أن يخرُجَ من إهابهِ شدّاً ببطن القاعِ من ألهَى بهِ يترك وجهَ الأرض في إلهابهِ كأنّ نشوانَ توكلّنا بهِ يعفو على ما جَرّ من ثِيابهِ إلاّ الذي أثّرَ من هُدّابهِ ترى سوامَ الوحشِ تُحتوى بهِ راع القنص مسجون وفراجه سهيل وشلون ما يبغون شوفه يشوقه قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ ومن أجمل قصائد الصيد ما أبدعه الشاعر الشعبي (محمد بن فطيس) بعنوان (المقناص): راع القنص مسجون وفراجه سهيل وشلون ما يبغون شوفه يشوقه اللي يعدون الصقاره غرابيل ما ذاقوا اللي فالصحاري نذوقه انقوم صبح ونرقد من اول الليل في دار عشب ٍتلحق الماء عروقه انقوم للمذن مقام ٍ بتهليل يوم ٍ طوال الليل نرقب شروقه بَرض ٍ بها لبرق الدواغر مداهيل قد مرّها الوسمي وشافت بروقه نسيمها كنْ فيه من نكهة الهيل يكفخ بخفاق ٍ قبضه معلوقه ما شيف فيها الا ثر الصيد والسيل وخاطي ثر ٍللي يدور لنوقه الصيد فيها له مداس ومقاييل كنّك لها من كل ديره تسوقه وندوج بأشقر صافي الظهر والذيل مطروح قد ريشة ظهره محروقه له هيبة فالجو قبل المحابيل فرخ العقاب ايخاشره في حقوقه على عيونه له قحوف ٍمضاليل اقحوف شيخ ٍتاج الامجاد فوقه يطلع وطلعه لا طلع.. طلع دربيل زود ٍعلى طلعه وطبعه.. لحوقه لاقفت تغرف الجو وتجر وتميل راع الحمامه دونها ما يعوقه اذكر عليه اللي له الحول والحيل الى اتقت من تحت ذيله اسبوقه اطياره ايخلي المقافي مقابيل ارماش عين اللي قذى العج موقه هاذي طراة العمر من دون تقليل بهواية اللي ذوقنا غير ذوقه وهذا اللي يحبّب هَلَ الطير بسهيل وَخُوّة رجالٍ الخوي ما تبوقه موجز عن المقناص ماهو بتفصيل وكل ٍ يمدح ربح سوقه بسوقه ويقول عبدالله بن سبيل من قصيدتة الشهيرة: يوم الركايب عقبن خشم ابانات ذكرت ملهوف الحشى من عنايه ليته رديفٍ لي على الهجن هيهات أما معي والا رديف اخويايه اخذت لي في ماضي العمر سجات يوم الهوى قايم وانا اتبع هوايه حتى قال: باهل الهوى من شارب الخمر شارات وفيهم من اللي يطرد الصيد شاية شارات راعي الخمر فاقة وسكرات والصيد ولعة ما على الله كماية الغزال أشهر ما يبحث من الصياد