لاحظنا في الآونة الأخيرة وجود ظاهرة خطيرة تهدد اللحمة الاجتماعية وهي المزايدات الباهظة في الديات التي أصبحت منتشرة في البلاد وتهدد وتؤرق المجتمع ونحن نعرف أن سماسرة بيع الدم يسعون إلى تضخيم قضايا الديات والعمل على تضخيمها حتى وصلت الملايين الباهظة بل وصلت إلى الخمسين مليون والثلاثين مليون وأصحاب هذه القضايا لا يملكون ولا يقدرون على دفع هذه المبالغ الباهظة وإذا لم يُوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة فسوف تستمر وتزداد وسوف يواجه المجتمع معاناة كبيرة ولذلك فإن الأمر يتطلب وضع حلول عاجلة تخفف من وطأة هذه المشكلة وهذه الحلول تنطلق من مصادر لها تأثير كبير ومن أهمها: الدولة أيدها الله والعلماء والمشايخ ومشايخ القبائل ورموز المجتمع والمفكرون وأصحاب الرأي والإعلام وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي. الدولة -أيدها الله- لها جهود بما قامت به من أوامر سامية سابقة تحد من ظاهرة المبالغة في الديات ومنع المخيمات واللوحات الإعلانية التي تُعد لجمع التبرعات من أجل العفو عن القصاص وما أشارت إليه الدراسات التي قامت بها الجهات المختصة من تشكيل لجان لدراسة هذه الظاهرة التي وضعت جملة من الضوابط لتنظيم هذا الأمر ومن ضمن تلك الجهود صدور أمر سامٍ في عام 1423 ه بتحديد مبلغ الدية وأن يكون خمس مئة ألف ريال، ولكن للأسف لم يتم تنفيذ ذلك ولا الالتزام به. وللعلماء جهود مباركة حيث أكد الكثير منهم أن هذه الظاهرة خطيرة وتضر بالمجتمع وتكلف المواطنين مبالغ باهظة وعلى رأس هؤلاء العلماء فضيلة الشيخ صالح السدلان -رحمه الله- الذي قال: (الساعي لتعطيل حد من حدود الله آثم) ولذا فإن العلماء حفظهم الله مطالبين بتكثيف الوعي وتنبيه الناس بالأمور الشرعية التي تضمنتها شريعتنا الغراء في هذا الموضوع. مشايخ القبائل عليهم دور كبير ومهم بالتصدي لهذه الظاهرة والعمل مع قبائلهم لوضع حد لها وتوضيح التأثيرات الكبيرة من جراء استمرارها وزعزعة اللحمة المجتمعية، وهناك مشايخ لهم دور ملموس ومشكور حيالها ويعملون مع قبائلهم لايجاد حلول مناسبة. الوضع بتطلب تضافر كافة أطياف المجتمع فهناك رموز المجتمع والمفكرون والكتاب وأصحاب الرأي مطالبون أيضاً بالمشاركة وبالتوعية وتوضيح الأمر في سبيل إيجاد الحلول، والإعلام له دور كبير في تنوير المجتمع بقضاياه ومشاكله فمطلوب من الإعلام وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي عدم التسويق للمبالغات المرفوضة والباهظة. ومسؤوليات الإعلام بكافة وسائله توضيح الأضرار والتأثيرات التي تؤثر على الناس، وقد لاحظنا أن هناك مبادرات طيبة من الإعلاميين حول هذا الموضوع. هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة في البلاد تهدد وتؤرق المجتمع وتفتح الباب أمام هؤلاء السماسرة من أجل جمع المال واستغلال أُسرة القاتل التي تريد أن تدفع ما لديها في سبيل إنقاذ ابنها من القصاص. إنّ القضايا التي تحصل تختلف في أسبابها فالقاتل الذي يدافع عن عرضه وشرفه أو أسرته فهذا القاتل يجب الوقوف معه بكل قوة وبذل كل الوسائل التي تساعد على إنقاذه، أما القاتل الذي يفعل جريمته وهو مختل الشعور أو متعاطٍ للمخدرات أو لديه أسباب غير شرعية فإنّ هؤلاء يعتبرون مجرمين ولذلك فإنه يجب تنفيذ الحد الشرعي فيهم وعدم الوقوف معهم. فالأمل كبير والرجاء عظيم في قيادتنا الحكيمة باتخاذ هذه الإجراءات لإنقاذ المجتمع من ضرر المزايدات الباهظة وتحميل الناس مبالغ لا يستطيعون القيام بها.