نحمد الله أنّ شريعتنا الإسلامية وضحت لنا أمور حياتنا، ونسخت ما قبلها من الشرائع السماوية وجعلتنا أمةً وسطاً، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً). ولم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وبيّنه الوحي الإلهي ووضح لنا ديننا العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص، كما وضح لنا فضل العفو والصفح والتسامح ابتغاء ما عند الله من الثواب ومضاعفة الأجر، وضحت لنا شريعتنا الغراء الحدود الشرعية التي لا تقبل المساومة والجدل والحدود والتعزير التي يقدرها الحكم الشرعي وولي الأمر، ولكن للأسف ما يحدث اليوم من أساليب وطرق من قِبل سماسرة بيع الدم لا يطابق هذه المفاهيم الإسلامية الواضحة بل نرى هؤلاء السماسرة يسعون بكل ما أُتوا من قوة لتضخيم قضايا الديات والعمل على تعقيدها حتى وصلت الملايين الباهظة، ولقد رأينا في الأيام الأخيرة مبالغ وصلت إلى خمسين مليوناً، وثلاثين مليون ريال، وأصحاب هذه القضايا لا يملكون ولا يقدرون دفع هذه المبالغ الباهظة، ونحن نعلم أن هناك أوامر ملكية تدعو إلى تحديد الدية للقتيل، ولكن لم تنفذ هذه الأوامر وكان من المفترض أن رجال إصلاح ذات البين يسعون إلى حل هذه القضايا والعمل بقوله تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) وقوله تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى). هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة في البلاد تهدد وتؤرق المجتمع وتفتح الباب أمام هؤلاء السماسرة من أجل جمع المال واستغلال أُسرة القاتل التي تريد أن تدفع ما لديها في سبيل إنقاذ ابنها من القصاص. إنّ القضايا التي تحصل تختلف في أسبابها فالقاتل الذي يدافع عن عرضه وشرفه أو أسرته فهذا القاتل يجب الوقوف معه بكل قوة وبذل كل الوسائل التي تساعد على إنقاذه، أما القاتل الذي يفعل جريمته وهو مختل الشعور أو متعاطي مخدرات أو لديه أسباب غير شرعية فإن هؤلاء يعتبرون مجرمين، ولذلك فإنه يجب تنفيذ الحد الشرعي فيهم وعدم الوقوف معهم. الوضع يتطلب تدخل الدولة - أيدها الله - في هذا الأمر لذا فإنني أوجه نداء إلى ملك الحزم والعزم، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وإلى سمو ولي عهده الأمين، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى لرفعة وعزة هذا الوطن. وإلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن نايف وزير الداخلية ورجل الأمن الأول لوضع حد لهذه الظاهرة المؤلمة بتحديد الدية التي أمر بها الشرع، وأن تكون خمس مئة ألف ريال، وإذا لزم الأمر بإعطاء فرصة للصلح فيحدد السقف الأعلى بمبلغ لا يتجاوز ثلاثة ملايين ريال، ومن يخالف هذه القوانين يطبق عليه النظام والعقوبات اللازمة لردعة حيث أصبحت هذه المشكلة منتشرة في البلاد وتؤرق المجتمع. فالأمل كبير والرجاء عظيم في قيادتنا الحكيمة باتخاذ هذه الإجراءات لإنقاذ المجتمع من جشع وتصرفات سماسرة الرقاب الذين يسعون إلى تضخيم هذه الديات وتحميل الناس مبالغ لا يستطيعون القيام بها. نريد مجتمعاً قائماً على المحبة والإخاء والتسامح وتطبيق أحكام الشرع الذي نؤمن به جميعاً فهل نرى تنظيماً واضحاً للقضاء على هذه الظاهرة؟. Your browser does not support the video tag.