تخوض أسواق النفط العالمية حالياً موجة جديدة من الغموض وعدم الوضوح وعدم اليقين في اتجاه الأسعار ومستوى الإنتاج والعرض والطلب في ظل تصاعد الأزمة الفنزويلية ومشكلاتها الرئاسية التي أربكت أسواق النفط العالمية وضاعفت من توتراتها ومخاوفها المستمرة المدفوعة مسبقاً بالأزمة الإيرانية ومقاطعة نفطها على إثر العقوبات الأميركية وغيرها من الظروف الجيوسياسية المتقلبة. وبهذا الصدد استطلعت "الرياض" رأي د. محمد بن سالم الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي، عن التطورات الحالية لأوضاع سوق النفط العالمي وتنبؤاته لمنحى الأسعار والإنتاج على المدى القصير والطويل، حيث قال إن أسواق النفط العالمية تخوض هذه الأيام معتركاً جديداً متوقعاً في ظل بزوغ العديد من العوامل التي يأخذ بعضها أسعار النفط نحو الارتفاع والبعض الآخر نحو الانخفاض والمحصلة أن هناك تخوفاً كبيراً من أن الأزمة الفنزويلية قد تتوسع بشكل كبير ويؤدي هذا إلى تعطيل إنتاج النفط الفنزويلي خاصة في ظل المقاطعة التي فرضتها الولاياتالمتحدة الأميركية على شركة النفط الوطنية الفنزويلية "بيديفيسا". وأضاف بأن هنالك عوامل تشير إلى ارتفاع تدريجي لأسعار النفط مدفوعة بتصريح وزير الخزانة الأميركي الذي ألمح إلى أنه حتى لو انقطع البترول الفنزويلي بالكامل فهنالك دول صديقة في الشرق الأوسط تستطيع أن تعوض النقص. وقال د. الصبان: "اعتقد أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى ارتفاع تدريجي لأسعار النفط نظراً للتخوف الذي سيسود الأسواق وهنالك تهديدات اليوم من أن الولاياتالمتحدة قد تقوم بعمل عسكري ضد فنزويلا، وإن كنت أستبعد ذلك". وكشف د. الصبان في الوقت ذاته بأن هناك حضراً من قبل الرئيس الفنزويلي مادورو على سفر زعيم المعارضة الذي قد تم تجميد حساباته ولكن في نفس الوقت استولت الولاياتالمتحدة على حسابات الحكومة الفنزويلية في البنوك الأميركية وبالتالي فان هذا سيشل قدرة الحكومة الفنزويلية على التحرك السليم. وهناك صراع قوي وكبير ولا أحد يعرف ما هي النتيجة بافتراض أن حكومة مادورو قد تستمر للفترة القادمة، ولكن في ظل المعارضة الأميركية لهذه الحكومة وتأييدها للمعارضة فقد يكون لهذا الأمر تأثير تدريجي على الانخفاض في إنتاج النفط الفنزويلي بمقدار 500 ألف برميل يومياً إضافية، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى انحسار إنتاج النفط الفنزويلي إلى حدود المليون برميل يومياً كإنتاج، وهذا حتماً سيؤدي إلى التأثير إيجاباً على أسعار النفط. إلا أن د. الصبان قد أبدى مخاوفه في نفس الوقت وقال: "أخشى ما أخشاه أن تقوم الولاياتالمتحدة بتحديد أو بإزالة كل القيود إذا ما رأت أن أسعار النفط قد ارتفعت عن حد معين وإذا ما رأت أن هناك عدم قدرة أو عدم رغبة من الدول المنتجة سواء داخل الأوبك أو خارجها في تغيير سقف الإنتاج الذي حددته في ديسمبر الماضي وتأجيل ذلك إلى شهر أبريل حينما تجتمع لجنة مرتقبة الإنتاج والأسعار وهذا بطبيعة الحال سيكون لها تأثير سياسي على ما يمكن أن تتخذه الولاياتالمتحدة تجاه فنزويلا". وأشار إلى أنه وفي الجانب الآخر بطبيعة الحال إن تباطؤ النمو الاقتصادي وبطء حدوث تقدم في المحادثات التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين وخاصة خلال اليومين الماضيين حينما بدأت الولاياتالمتحدة تفترض وجود تهم بشأن شركة هواي الصينية وهذا ما أزعج الحكومة الصينية في هذه المرحلة التي قد تؤثر سلباً على المفاوضات بين البلدين. وشدد بأن هنالك عوامل أخرى كثيرة تأخذ الجانب السلبي وفي نفس الوقت هنالك عوامل تأخذ الأسعار نحو الارتفاع، ولكن المحصلة النهائية تعتمد على العوامل الجيوسياسية وماذا سيحدث بالنسبة لصادرات النفط الإيراني وما إذا ستمدد الولاياتالمتحدة قائمة الاستثناءات بعد انتهائها في شهر مايو القادم. ولفت د. الصبان إلى أن الحديث الآن يدور بأن هناك تحريكاً كبيراً لصادرات النفط الإيراني بمختلف وسائل التحايل وهو ما قد يؤدي إلى الزيادة بدلاً من الانخفاض في صادرات النفط الإيراني، ولكن تظل المشكلة في الأحداث في فنزويلا التي تسيطر على أسواق النفط والتي سيكون لها اليد الطولى في تحديد مسار اتجاه أسعار النفط للفترة القصيرة وهذا باختصار شديد جداً لطبيعة الأحداث والتغيرات القائمة في ظل أزمة فنزويلا. في حين أثار د. الصبان عاملاً آخر تتحكم به المملكة العربية السعودية وفق ما صرحت به المملكة قبل يومين بأنها قد تلجأ إلى مزيد من التخفيض لإنتاجها البترولي أكثر من ما التزمت به في إطار اتفاق أوبك في اجتماع ديسمبر الماضي وهذا العامل إذا ما تحقق بالإضافة إلى مشاكل فنزويلا قد يؤدي إلى تحسن تدريجي للأسعار في الفترة القادمة. د. محمد الصبان