إلى أي مدى تتحمل الوسيلة الإعلانية المسؤولية عن الإعلان الذي تنشره، ماذا لو نشرت جريدة أو قناة إعلاناً ينطوي على ضرر للمستهلك؟ ما الجهة المسؤولة عن محتوى الإعلان؟ وما الجهات التي يمكن الرجوع إليها؟ من المستحيل على أي وسيلة إعلانية كالجريدة أو القناة أن تتحقق من صحة الإعلان وسلامة محتواه، مشكلة تتوزع بين أكثر من جهة. بوصف الجريدة وسيلة إعلامية فهي تتبع في قوانينها وزارة الإعلام وبصفة المعلن تاجراً فهو يتبع وزارة التجارة وطالما أن المسألة تتضمن ضرراً محتملاً فلا شك أن المحكمة قوة أساسية في التعامل مع القضية. مع انتشار السوشل ميديا واستئثارها بنصيب من الإعلان تلوح في الأفق مشكلة جديدة. روج أحد الحسابات على تويتر إعلاناً لشركة مطاعم وجبات سريعة، عرض أنواعاً من سندوتشاتها، فرد عليه أحد المتابعين بتصوير تغريدات سابقة لنفس الحساب يكشف أن هذا الموقع سبق له أن حذر من هذا النوع من الأطعمة، من أجل الإعلان تخلى عن مبادئه الأخلاقية. المسألة تأخذ اتجاهين أحدهما قانوني والآخر أخلاقي، بعد ظهور السوشل ميديا ظهرت تحديات جديدة تمس هذين العاملين، ما الذي يترتب على صاحب الحساب إذا وقع في مثل هذا الخطأ الأخلاقي أو روج عن جهل لبضاعة سيئة؟ الوسائل التقليدية تتمتع بدرجة عالية من التدقيق الأخلاقي، ضرر السقوط الأخلاقي على المنشآت الإعلامية الكبرى كبير ويصعب إصلاحه، قيمتها ومكانتها في السوق قائمة على الالتزام بالمعايير المهنية الراسخة. لكن الإعلان في السوشل ميديا يطرح سؤالاً خطيراً ربما يكون الجانب الأخلاقي غير مهم بالنسبة لصاحب الحساب، حجمه وقيمته وربما أرباحه من الإعلان لا تشكل حساسية كبيرة، مجرد أن يكبر قليلاً ويصبح مكينة إعلانية سوف ينكب على أكبر قدر من الإعلانات وبأسرع وقت ثم يختفي بعد فترة كما هي سنة المواقع الإلكترونية، القضية بالنسبة لهذه الحسابات سباق محموم للكسب ثم إخلاء الساحة لحساب آخر يتجاوزه. كيف يترك حساب فردي لا أحد يعرف صاحبه يبرم عقود إعلان مالية وصحية وربما أمنية دون أن تتوفر مظلة قانونية تنظم العلاقات والمسائل التجارية وترتبط بنظام البلد؟ رغم كثرة الشكاوى والملاحظات لم يسك لهذه الوسائل نظام خاص بالنشرات الإعلانية، في حال قرر واحد يستهبل استطاع باستهباله تشكيل جماهيرية كبيرة ثم استخدام حسابه للإعلان، ما المعايير التي يتوجب عليه أن يلتزم بها وتحت أي مظلة قانونية؟ علينا ألا ننتظر حتى تقع الفأس في الرأس.