حذر مختصون مسؤولي الشركات السعودية ومديريها من التحايل على الأنظمة التي تضبط عملية تضارب المصالح في الشركات المساهمة، وقالوا إن هذة القضية تمثل خطاً أحمر للأخلاق، مشيرين الى أنها تتسبب في ضياع حقوق الغير «المساهمين» والتي تكون معلقة في ذمة المسؤول الذي يمارس عملية تضارب المصالح. وأوضح الخبير المالي الدكتور أحمد سلامة أن المشكلة ليست في عدم وجود قوانين وعقوبات لعلاج قضية تضارب المصالح، ولكن المشكلة تكمن في غياب تطبيق المعايير الأخلاقية في مجال الأعمال على مختلف المستويات في تلك الشركات. واستدل الدكتور سلامة بانهيار شركة «»إنرون»» في 2001 والتي كانت من آخر أكبر الشركات التي سقطت نتيجةً عوامل مرتبطة بالمصالح والتجاوزات، لعل أبرزها عدم تطبيق أو انعدام أخلاقيات المهنة والأعمال، إذ سقطت الشركة العملاقة بأصول تقدر قيمتها ب(63.4) مليار دولار، الأمر الذي شكل أكبر إفلاس لشركة أمريكية، وربما على مستوى العالم أجمع، إذ إن اثنين من المديرين التنفيذيين لشركة «إنرون» كانا مذنبين في عدد من التهم التي وجهت إليهما في قضايا فساد وتآمر، وكذلك الكذب بشأن المتاعب المالية للشركة. وأشار أيضاً إلى تنامي سعر سهم «إنرون» على مدار السنوات، إذ كان أقل من 7 دولارات في التسعينيات الميلادية حتى وصل إلى 90 دولاراً منتصف 2000، ولكنه فقد قيمته فجأة فأصبح حوالي 90 سنتاً نهاية عام 2001. فقد كانت نهاية مؤسفة لمساهمي تلك الشركة العملاقة وهم يشاهدون أصول شركتهم تهوي من آلاف الملايين من الدولارات إلى لا شيء تقريباً خلال فترة وجيزة لا تكاد تُذكر. وشدد الدكتور سلامة على أن المصالح الشخصية التي يحرص المديرون التنفيذون وأعضاء مجالس الإدارات في الشركات المساهمة على بقائها تعد من أوضح التعريفات لموضوع تعارض المصالح وتأثيرها البين على المبادئ الأخلاقية الناتج عن الطبيعة البشرية، وأن هناك ميلاً واضحاً لدى النفس البشرية لا يقهر للوفاء وتقديم الشكر لمن أسدى أو قدم لها معروفاً. كما أن وجود العلاقات الشخصية والأعمال المتضاربة وعدم الفصل بين المسؤوليات كما يحدث في مجال المراجعة والمهام ذات العلاقة يؤدي حتماً الى فساد الأخلاقيات، ومن ثم يؤثر على حقوق الكثير من المساهمين .وأضاف: على سبيل المثال، فإن قيام مكاتب المراجعة الخارجية للشركات بأداء مهمة الاستشارات للشركة نفسها وأيضاً القيام بمهام المراجعة الداخلية يؤدي الى تضارالمصالح، وتابع: تعارض المصالح في المشروع أو استئثار فريق بنصيب الأسد من عوائده حتماً سيؤدي في النهاية إلى انهيار المشروع وزواله، ولكن تحقيق العدالة بين أصحاب المشروع الواحد أو الحوكمة المؤسسية، هي الضمان لاستمرار المشروع وإنهاء الصراع الذي ينتهي بفشل المنشآت. أوضح سلامة أن الفساد المالي والإداري بأبعاده المالية والإدارية والأخلاقية يتجلى واضحاً في مشكلة الخلل في تضارب المصالح في الشركات المساهمة والشركات التابعة لها، ويمثل البعد الأخلاقي حجر الزاوية في صنع هذا الخلل، ويظهر ذلك جلياً في الانحرافات التي يقوم بها الموظفون والمسؤولون وتصرفاتهم المتمثلة في استغلال الوظيفة لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة المهنية النزيهة وممارسة المحسوبية دون النظر الى اعتبارات الكفاءة عند تعيين الموظفين. كما أن وجود نمط الشركات العائلية يمثل بعداً آخر للخلل، علاجه يكمن في توفيق أوضاع تلك الشركات بما يتماشى وأنظمة الحوكمة مع الاهتمام بتطبيقها بشكل فعال دون تحايل على الأنظمة والقوانين. منوهاً بأن قضية تضارب المصالح والتي تدخل في دائرة الفساد بجوانبه المتعددة علاجها لن يأتي إلا من خلال مراجعة القيم الأخلاقية ووضعها موضع التنفيذ والرقابة عليها بشكل حازم وصارم، والعمل على ترسيخ تلك المعايير الأخلاقية في مجال الأعمال وفي المراحل الدراسية لطلاب المدارس والجامعات قبل التحاقهم بالوظائف وتولي المناصب، إضافة إلى مراجعة أنظمة التفتيش والرقابة الداخلية ومكاتب المراجعة الخارجية لتكون المعايير الأخلاقية هي الأساس الحاكم والمحور الرئيس لكل تلك الأعمال بما يضمن سد الخلل والحفاظ على حقوق المساهمين والمستثمرين. من جهته أشار المحلل خالد الجوهر الى أن المصالح لأي عضو في أي شركة مساهمة تم تأطيرها والحزم تجاهها. وأوضح قائلاً: تم مراعاة عمليات الإفصاح والحوكمة وفي الوقت الحاضر إذا كان لأحد من أعضاء مجلس إدارة الشركات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لا بد من الإعلان عن ذلك في تقرير مجلس الإدارة السنوي، وهذا الأمر يعد حفظاً للحقوق. منوهاً بأن المسألة أصبحت منظمة بشكل كبير وتم التحكم بمثل هذه الحالات، إذ إن تضارب المصالح أصبح في بعض حالاته يتطلب موافقة الجمعية العمومية بالتصويت. وتطرق الجوهر الى أن الأنظمة الحالية تتيح تغريم ومخالفة الشركات في حال وجود أي تجاوز أو خلل، وقد أصبح هناك تشدد في مراقبة الشركات فبعد أنكانت وزارة التجارة والصناعة تقوم بهذا الدور أصبح لهيئة سوق المال دور مهم في الرقابة. مشيراً إلى أن هيئة السوق تلعب دوراً كبيراً في هذا الضبط وإلزام الشركات بالإفصاح والإعلان وهو أمر ينعكس أثره على المساهمين وفي حفظ حقوقهم. إلى ذلك قال المحلل المالي عبدالله باعشن أن نظام الشركات كفل حقوق المساهمين بمتطلبات الإفصاح. موضحاً أن على كل محاسب قانوني ملزم في حال وجود مصلحة ما أن يضع فقرة في تقريره يوضح ما المصلحة أو المنفعة للشركة المساهمة أو التابعة لها كما أن هيئة سوق المال تفرض على الشركة الإفصاح بإعلانها في تداول. وقال باعشن إن الشركات المساهمة والشركات التابعة لها قد يصادف أن يتم الاستفادة منها في مختلف الجهات ولا يوجد ضرر في ذلك طالما أن هذه المصلحة مثبتة وتم الإفصاح عنها في التقارير الرسمية بما يتوافق مع نظام الشركات وكذلك لائحة متطلبات الإدراج.