يبدو أننا نمرّ بمرحلة تشتدّ فيها الأزمات والنكبات، الخاصة والعامة. مرض الأحبة ورحيلهم، أو ما قد يصيبنا نحن من مرض أو عجز. أما النكبات العامة فهي ما نعيشه من حروب وقتل ودماء تغسل الأرض بالعار، أضف إلى ذلك الفقر والجريمة، والبطالة، والذي تلعب فيه الجريمة العالمية، وسياسة العولمة وإعلامها دوراً ابتزازياً بارزاً. وما بين الخاص والعام، نواجه نكبة جديدة بطلاتها فتيات هاربات من أسرهن، ولأنهن سعوديات تتحوّل النكبة من شأن خاص بالأسر المنكوبة إلى شأن وطني، تتلقفه أذرع أخطبوط الإعلام الغربي ليصبح ذريعة لقذيفة جديدة بوجه الوطن السعودية، والله أعلم ما حل بهن وما آل إليه حال معيشتهن. وبطلتنا الجديدة هي ابنتنا "رهف"، تطل علينا في لحظة ذهبية، سرعان ما يتخاطف العالم غير الحر استثمار شخصها وقصتها، ليس لأجل عيونها الحزينة ورهافة سنها، إنما لتسديد ضربة جديدة في بورصة الاستثمار الانتهازي. وتدخل كندا على الخط في فيلم الساعة، لتشارك ابنتنا "رهف" في البطولة بزعم الدفاع عن حقوق الإنسان. المشهد الهزلي المأساوي لا يغادر عيني، المسؤولة الكندية تتلقف "رهف" من المطار، تحتضنها بحركات تمثيلية أمام عدسات الإعلام؛ وابنتنا "رهف" تبتسم ابتسامة صفراء، تردد ما يُملى عليها. وينفطر قلبي عليها، فقد بدأت مشواراً لا تدرك حقيقة مساره ولا إلى أين سينتهي بها المطاف. مسار.. ومطاف لا يعلم حقيقته غير الله. حزنت من أجلها ومن أجل أسرتها. تلبستني مشاعر خوف شديد، فهي بعد كما تبدو طفلة لا تدرك ماهية الرحلة. وكم أتمنى أن تتواصل معها أسرتها لاحتوائها وطمأنتها بالوقوف معها وبأنها لن تتخلى عنها. وهروب الشباب ليس جديداً، فقد هرب شبابنا من قبل إلى عالم المخدرات، والإرهاب، وكم من أسرة تحطم قلبها، هؤلاء احتواهم الوطن بالعلاج. ولكن هذا الوضع الآن يختلف، فتيات هاربات في أمس الحاجة إلى حضن وطن. وفي هذا الخضم الذي يكاد يتلون بالسواد لا أجد مخرجاً إلا الغوص في الأعماق.. أو التحليق في السماء، للاقتراب قدر الإمكان من الطاقة الإيجابية الخارقة التي يُسكنها الله في مخلوقاته وفي الكون المحيط بنا.