انشغل إعلام العالم ومنظماته الحقوقية والأمم المتحدة برهف -فتاة سعودية هاربة من أسرتها إلى تايلاند- وتبدو من إجادتها للإنجليزية أن أسرتها اهتمت بتعليمها؛ لكن هذا الإعلام نفسه والمنظمات ذاتها لم ينشغلوا يومًا بالفتيات المعنفات أو الفقيرات الهاربات كل يوم بدول العالم؛ فهروب الفتيات ظاهرة اجتماعية معروفة على المستوى العربي وحتى الغربي في الدول المنفتحة؛ ولأسباب متعددة؛ منها التعنيف أو التحرش أو المخدرات أو علاقة عاطفية وكذلك فقر الأسرة وسوء أوضاعها المادية؛ إلا أن هؤلاء الهاربات من أسرهن بتلك الدول لا يمنعهن القانون من السفر خارجيًا إذا ما وصلن إلى السن القانوني، فتجد قليلاً منهن ينجح بصنع حياة سوية؛ لكن معظمهن يتحولن إلى عالم التشرد والدعارة والتسول والجريمة والترحيل؛ كون حصولهن على اللجوء لا يتم بسهولة إلا بإثبات اضطهاد سياسي أو ديني في أوطانهن. وأيًا كان الاهتمام الدولي ب«رهف» فليس جديدًا ولن يكون الأخير، لأنها تحمل الجنسية السعودية؛ ولن نستغرب؛ فإعلام دولي يهتم بصراصير في مدرسة سعودية نتجت عن هطول غزير للأمطار، لن تستغرب اهتمامه بفتاة هاربة من أسرتها السعودية نتيجة مشكلة عائلية، فهذا قدر السعودية العظمى قبلة أكثر من ملياري مسلم بأن تكون تحت الأضواء دائمًا ويكيد لها الحاقدون، بعد تحولها الكبير خلال عقود قليلة إلى المدن، كبرى وصناعية، وبات لها ثقلها في الميزان الاقتصادي والسياسي العالمي؛ فيما تتجدد وتتطور داخليًا بظل قيادة رشيدة ورؤية 2030 على المستوى الحقوقي والمؤسسي والمجتمعي والثقافي. وباختصار، قصة رهف التي ليس لديها نشاط يُذكر ولم يعرفها أحد قبل هروبها هي مجرد مشكلة عائلية لا علاقة للحكومة السعودية بها، وكل التصريحات التايلندية والسعودية تثبت ذلك؛ ورغم أن هناك من يحاول استخدامها من الإعلام المرتزق للإساءة إلى الوطن؛ إلا أنها لن تقدم أو تؤخر شيئًا، ولن تؤثر على السعي الحكومي الجاد لإصلاح القوانين وتمكين المرأة في المجتمع؛ كما لن تمنع قصتها ومثيلاتها من الحديث عن حالات العضل والتعنيف الأسري الواقعية ومعالجتها لبعض الفتيات مما يُؤدي بهن للهرب لدور الحماية الاجتماعية والتي تحتاج إلى مراجعة أنظمتها من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتطويرها للسعي إلى تمكين المعنفات وضمان استقرارهن لا الوصاية عليهن بعد تجاوزهن السن المؤهل لذلك. أما فيما يتعلق بمنع المواطنة من السفر للخارج إلا بموافقة ولي الأمر، فهذا مما ينبغي مراجعته؛ إذ ليس من المعقول مواطنة في الأربعين تأخذ موافقة ولدها المراهق، أو طالبة مُجتهدة تعطلها موافقة عم مشغول بعائلته عن إكمال دراستها!!، وهناك حالات يجب أخذها بالاعتبار، خاصة وقد بات ذلك وسيلة ابتزاز الفاشلات والعابثين ممن يصنعون لأنفسهم بطولات من ورق، ولا حاجة لنا أن نهدر وقتنا فيهم ونحن نسير بخطى ثابتة إلى بناء حضارة سعودية تقود العالم في ظل قيادتنا الرشيدة.