لم تفلح وزيرة خارجية كندا، في إخفاء فرحتها الغامرة لحظة استقبال رهف، وقد نجحت فعلاً بإظهار حفاوة غير عادية للفتاة المراهقة، من خلال الاستقبال الحافل لها في المطار وإظهار المودة والعطف لها، وهي تحتضنها، وهذه الحفاوة وبلا شك، قد تكون مقصودة للايحاء للفتاة، بوردية الحياة الجديدة لها في كندا، وبما قد يحمله كل ذلك، من احتمالات التغرير بمراهقة مقبلة على مستقبل مجهول، بعيدًا عن أسرتها التي ترعرعت بينها. حاولت الوزيرة أن تبدي شيئًا من الإنسانية والشفقة على الفتاة، وهي تردد للإعلام المدعو لتغطية وصولها، بأن يكونوا محترمين! حتى يمتنعوا عن إلقاء أسئلة عليها.. وكان من الأولى أصلا، أن يُحجب الإعلام عنها، حتى لا تتعرض لضغوط نفسية وخصوصًا في سنها الصغير (أليس هذا ما يردده الغرب على أسماعنا يوميًا بضرورة مراعاة مشاعر وأعمار المراهقين؟ وحمايتهم من كل مؤثرات؟). أرى في تصرف الوزيرة عدم احترام لمشاعر الفتاة التي قررت الابتعاد عن أسرتها، ربما تحت عوامل تغرير وتحريض من خلال وسائل اجتماعية (ولا أستبعد خارجية)، تحثها على الهرب؟ وما يؤكد اضطراب مشاعرها التي لم تحترم، هو رد فعل رهف عندما أعلمتها مذيعة تقابلها، بخبر تبرؤ عائلتها منها.. لقد صدمت وذرفت الدمع، وكأنها لم تتوقع ذلك، وكأن هربها، بالنسبة لها، (كان مغامرة) لم تتوقع أن تصل عواقبها لهذه المرحلة من تبرؤ أهلها منها، وانفصال أبدي عنها. وأيضًا في تصرف وزيرة الخارجية وهي تطير فرحًا، عدم احترام لمشاعر أهلها.. ومع كل التقدير للوزيرة ، أتساءل: هل من حقوق الإنسان، (وأنت الوالدة لثلاثة أطفال)، عدم مراعاة شعور والدَين مجروحين؟ هل كان من المناسب إقامة هذه الاحتفالية وفي ظل وجود إعلامي لاستغلال قضية مراهقة صغيرة.. ألم تفكري في شعور والدتها، وهي تشاهد ابنتها وفلذة كبدها بعيدة عنها، ومعك تحتضنينها، في لقطة تلفزيونية إعلامية ودعائية. عندما رأيت تصرف وزيرة الخارجية، وهي في استقبال المراهقة رهف، دعوت لرهف، أن يحميها الله من مستقبل مجهول في كندا.. عندما تكبر رهف في السن، وتشعر بالحنين لأهلها، وخصوصًا والدتها، وعندما تصبح قضيتها قصة تروى، وتاريخاً قد مضى، (وتظهر أمامها حقائق المجتمع الجديد)، ستعرف أنه تم استغلالها بصورة بشعة (بدون مراعاة لعمرها الصغير وقت هروبها)، ستعرف رهف أنه غُرر بها. ألم تسمع الوزيرة بذلك الأب الكندي (إيريك هاوبتمان)، الذي هربت ابنته في عام 2016، لمدة ستة عشر يومًا فقط، وهو يقول «مررنا بالجحيم لأننا لم نعتقد أبدًا أننا سنرى ابنتنا ثانية»؟ أليست مشاعر الوالدين هي مشاعر إنسانية لكل البشر، أم أن مشاعر الأب الكندي، أسمى وأرقى من والدي رهف؟! هل تعلمين أن الإحصائيات، للهاربين من المراهقين في أمريكا، تشير إلى أن 90%، يقررون العودة لأسرهم عند التحدث لأمهاتهم بل أن حل كثير من مشاكل الهاربين في أمريكا (وكندا نفسها)، تشجع على إيجاد وسائل وطرق تكفل إعادة الاتصال بين الهاربين ووالديهم ومع هذه حُرم والدها من مقابلتها والحديث معها. سعادة الوزيرة، من المؤكد أنك على علم بإحصائيات هروب المراهقين في بلدك.. كندا مثلها مثل كثير من دول العالم تعاني من مشاكل هروب المراهقين من منازلهم.. تكشف الاحصائيات، أن عدد المشردين سنويًا في كندا، يتراوح ما بين 35 إلى 40 ألف شاب وشابة في العام، ومعظمهم هاربون من منازلهم، منهم 20% تتراوح أعمارهم بين 13 و24 عامًا. ويوجد حوالي 2000 مشرد من هذه المرحلة العمرية في شوارع تورونتو لوحدها، بدون مأوى، ويتعرضون للعنف والاستغلال الجنسي والإدمان بكل أشكاله، وربما يكونون ضحايا لما يسمى بتجارة البشر، وخصوصًا الفتيات. ختامًا احترموا مشاعر والدَي رهف وكل عائلة سعودية وكفُّوا عن استغلال قضية رهف إعلاميًا.