الاجتماعات هي نشاط شبه يومي في المؤسسات ومنظمات العمل الحكومية والأهلية، هي وسيلة من الوسائل التي تساعد على حل المشكلات واتخاذ القرارات حتى على مستوى العائلة. ورغم ما يوجه للاجتماعات من نقد تصل إلى حد السخرية، ورغم أن التقنية ساهمت في عقد الاجتماعات عن بعد اختصاراً للوقت إلا أن الاجتماعات المباشرة لها أهميتها وإيجابياتها. الأهم من ذلك هو توفر الأجواء المشجعة على المصارحة والشفافية. هذه الأجواء وفرتها مؤسسة (فافي) حسب رواية المؤلف فريدريك لالو في موضوع كتبه تحت عنوان (إعادة اختراع المؤسسات). في تجربة هذه المؤسسة يتم تخصيص مقعد خالٍ في كل الاجتماعات ويطلب من لديه آراء مختلفة الجلوس عليه ليدلي بآرائه بصراحة وشفافية، ومطلوب منه أن يجيب على عدد من الأسئلة تتعلق بانطباعه عن الاجتماع، ورأيه في المناقشات والقرارات ومدى تحقق الهدف من الاجتماع، وما هي الفكرة الأهم التي نوقشت في الاجتماع، ومدى توفر الصراحة، وهل سيحاول الجلوس في المقعد الخالي في الاجتماع القادم؟ (القيادات الذكية ومهارات عمل الفريق/ قنديل للنشر) 1437.. هذه الأسئلة تضع من يجلس في المقعد الخالي أمام اختبار صعب تختبر متابعته وفكره وصراحته ومدى إلمامه بقضايا الجهة التي يعمل فيها. ماذا سيقول صاحب المقعد الخالي؟ هل سيقول إن رئيس الاجتماع لم يتح فرصة للنقاش، كان يتحدث أكثر من الجميع، كان يريد الوصول إلى قرار معين، كان ينصت إلى نفسه فقط؟ هل سيقول إن الاجتماع كان مضيعة للوقت لأن المشاركين لم يحضروا للاجتماع أو ليسوا الأشخاص المناسبين للمشاركة؟ هل سيقول إنه لم يتابع النقاش بدقة وبالتالي لا يستطيع تقييم الاجتماع؟ هل سيركز على توقيت الاجتماع ومدته ومكانه أم على الموضوع والمناقشات وأسلوب أدارة الاجتماع وموضوعية الحوار ونتائج الاجتماع؟ أعتقد أن الفائدة من المقعد الخالي ستكون أكثر لو دعت المؤسسة شخصاً صاحب خبرة من خارج المنظمة ليقوم بمهمة تقييم الاجتماع من كافة الجوانب. في هذه الحالة ستكون الصراحة أقوى والشفافية أوضح والموضوعية ستكون سيدة الموقف. أعلم أن هذه التجربة قامت بها مؤسسات محدودة خاصة في حالة قيام فريق متخصص بدراسة استشارية. ولكن لماذا لا نجعلها ممارسة دائمة تنشد التطوير المستمر.