عاشت أسعار النفط منذ الأول من يناير الجاري وتيرة تصاعدية بواقع دولارٍ لكل يوم، مبتعدة عن مستويات الخمسين دولاراً وصولاً لسقف الستين خلال العشرة أيام الأولى من الشهر الجاري، بدعم سريان اتفاق الخفض الذي توقعت الأوساط النفطية وصول تأثيراته في يونيو المقبل إلى سحب 100 ألف برميل يومياً، بالإضافة إلى وجود قوة في عامل الطلب العالمي على النفط بحسب ما أكدّه وزير الطاقة والصناعة والثورة المعدنية المهندس خالد الفالح الذي أكد خلال مؤتمر نفطي بأبوظبي أن الأسواق النفطية في طريقها الصحيح وأن الطلب العالمي على النفط ما زال قوياً، كما أبرز المهندس الفالح الدور الذي تضطلع به منظمة الدول المصدرة للبترول OPEC بالإضافة إلى دورها الناجح في صناعة التحالفات هو الحد من نطاق التقلّبات السعرية لأسواق النفط، لذلك فإن تصريحات وزير الطاقة الذي يمثّل إحدى أكبر الدول المصدّرة للنفط ستكون عامل طرد لكافّة المخاوف بالأسواق النفطية، وتزيد الثقة بتقليص حجم الفجوة التي حدثت بين عاملي العرض والطلب العالمي على النفط مع مرور الوقت، لذا يغلب الظن أن معظم العام 2019م سيكون في حالة تصحيحية مستمرة من قبل أوبك التي تضطلع بمسؤولية كبيرة في رقابة ومتابعة الأسواق النفطية وحالاتها، كما أن تصريحات الوزير الفالح قدّمت عدّة رسائل للأسواق أهمها حرص المملكة العربية السعودية المستمر ضمن سياستها النفطية على وجود طاقة احتياطية كافية؛ لضمان استقرار أسواق النفط وحفاظها على موقعها الريادي في إمداد العالم بالطاقة، وأن ما تنتهجه منظمة الدول المصدرة للبترول OPEC في إدارتها للأسواق النفطية يعدّ نهجاً صحيحاً، ولا أدلّ على ذلك من حالات التعافي التي بدأت تلامس الأسواق منذ بداية يناير الجاري، كما أن هنالك أبعاداً فنيّة أخرى تقوم عليها منظمة OPEC وهي الحد من نطاق التقلّب في أسعار النفط كما أوضح ذلك الوزير الفالح، وهو الأمر الذي يحافظ على حالة الاستقرار ضمن وتيرة تقلّب سعرية مقبولة باعثة على الاطمئنان لكل الأطراف بالأسواق النفطية، وهذه الأدوار المتضمنة حفاظ التقلّبات السعرية للنفط ضمن نطاقات مقبولة وآمنة قامت به المملكة سنوات عديدة بمبادرات فردية أو جماعية، آخرها في يونيو العام الماضي 2018م الذي شهد حالة هدوء عقب جهود مبذولة من عدّة منتجين بقيادة المملكة العربية السعودية ساهمت في رفع أسعار النفط ليتجاوز مستوى ال 65 دولاراً لخام الإشارة برنت، وبقاؤه ضمن نطاقات مجدية اقتصادياً لكل من المنتجين والمستهلكين، وعلى الرغم من التأثيرات المختلفة لمستويات أسعار النفط المتدنية أهمها تأجيل وتوقف الاستثمارات بالقطاع لا سيمّا المنابع النفطية، وقد حدث ذلك بالفعل خلال السنوات الماضية ( 2015 - 2016 – 2017) وضياع استثمارات نفطية بسبب الأسعار النفطية المتدنية تقدّر ب 300 مليار دولار (نشرتها الرياض في 31 مارس 2018)، إلا أن المملكة أولت هذه الجوانب اهتماماً بالغاً استشعاراً منها لأهمية دورها في الحفاظ على أمن الإمدادات النفطية الكافية حيث دشّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - نهاية العام 2016م مشروعات منبع للاستفادة من موارد الطاقة في المملكة؛ وبقاء المملكة العربية السعودية مصدراً للثقة والمصداقية لدى العالم في أمن طاقته واستدامتها دون معوّقات أو مخاوف في هذا القطاع. بيدَ أن أسواق النفط قد تمر بحالات اضطراب سعرية بين الفينة والأخرى بحسب المعطيات الموجودة آخرها الربع الأخير من العام الماضي 2018م الذي مثّل أعلى نسبة اضطراب في المستويات السعرية لخام الإشارة برنت خلال العام 2018م الذي تراجع منذ بدء سريان العقوبات المفروضة على إيران من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية (الرابع من نوفمبر 2018م) إلى ال 26 من ديسمبر للعام نفسه (أدنى مستوى سعري لخام برنت في الربع الرابع) بنسبة 44 % لفارق تذبذب سعري بلغ 22 دولاراً من 72 دولاراً إلى 50 دولاراً، لتبدأ العوامل النفسية بداخل أسواق النفط بالتحسّن بوتيرة بطيئة عقب ال 26 من ديسمبر الماضي نتيجة قرب سريان اتفاق الخفض النفطي للدول من داخل وخارج منظمة الأوبك، كما أن مستوى الصعود السعري لخام الإشارة برنت من أدنى مستوى له عند 50 دولاراً للبرميل في ال 26 من ديسمبر الماضي إلى 61 دولاراً في ال 11 من يناير الجاري بلغ 11 دولاراً بنسبة صعود بلغت 22%، لذا فمعطيات الأسواق خلال العشرة أيام الماضية كانت إيجابية على الرغم من الفترة القصيرة، إلا أن هنالك تحسناً ملحوظاً في الأسواق والأسعار بوجه عام، وما زالت إمدادات الطمأنات تتوالى تترى على الأسواق النفطية من قبل المؤثرين كالمملكة العربية السعودية وروسيا وآخرين، ففي بداية العام الحالي 2019م شارك وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي تفاؤله الأوساط النفطية مشيراً إلى أن الربع الأول من العام الجاري 2019م ربما يكون محطّة توازن الأسواق النفطية.