وسط العديد من عوامل الضغط على الأسواق النفطية تُعقد الآمال هناك في الربع الثاني من العام القادم 2019م لملامسة أضيق نطاق لحجم الفجوة بين عاملي العرض والطلب، حيث سجلّت الأسواق النفطية خلال الأسبوع الماضي أدنى مستوى للأسعار عند ال53 دولاراً لخام الإشارة برنت في الربع الحالي، ولا زالت تتمتّع بالقابلية للتراجع أكثر من المستويات الحالية، على الرغم من توالي بوادر الالتزام من قبل أعضاء اتفاق الخفض النفطي من داخل وخارج منظمة الأوبك، حيث صرّحت الحليفة الأكبر للمنظمة على لسان وزير طاقتها ألكسندر نوفاك الذي أوضح أن لبلاده نية لخفض إنتاجها النفطي 50-60 ألف برميل يومياً في يناير القادم، كما ذكر لوسائل الإعلام نهاية الأسبوع الماضي أن روسيا بصدد خطط لخفض الإنتاج النفطي بمقدار 228 ألف برميل يومياً، وأن منتجي الخام الروسي على جاهزية تامّة لخفض الإنتاج، وتبعتها سلطنة عُمان التي أوضحت لعملائها أنها بصدد العزم على خفض إنتاجها النفطي 2 % بحسب اتفاق الخفض النفطي اعتباراً من يناير 2019م. المعطيات الحالية للأسواق النفطية تعكس بشكل واضح حجم الضغط الذي تعاني منه التي زادت حدّتها خلال الأسبوع الماضي الذي شهد تراجعات في مؤشر أسعار النفط لمستويات ال53 دولاراً لخام الإشارة برنت، كما أن متوسط الفروقات السعرية لنطاق تذبذب الأسعار في توقعات خبراء ومحللي أسواق النفط خلال الشهرين المقبلين كانت كبيرة تصل ل20 دولاراً ما بين 55-75 دولاراً، فعندما يتم التحدّث عن 20 دولاراً كنطاق لتذبذب مؤشر الأسعار فإن ذلك يشير إلى وجود تدافع كبير بين العوامل المؤثرة في أسعار النفط وأسواقه، وحالة من عدم اليقين تجاه الأسواق خلال الشهرين المقبلة، إلا أنها بوجه عام في اتجاه بطيء وثابت نحو مسارات القرب من الاعتدال والتوازن بعيد دخول الربع الثاني من العام القادم 2019م، ومن المتوقع أن لا تذهب الأسواق بعيداً عن تذبذباتها حول مستويات ال50 دولاراً بعد تصريح الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول OPEC محمد باركيندو الذي أوضح أن المنظمة ستقوم بنشر جدول يحتوي تفاصيل الحصص الخاصّة بخفض الإنتاج النفطي للدول الأعضاء في المنظمة كذلك الحلفاء الآخرين كروسيا، وبذلك يكون خفض الإنتاج النفطي للدول الأعضاء 3.02 %، وبذلك ستتم زيادة النسبة السابقة التي تم الاتفاق عليها كمعدل خفض للدول الأعضاء عند 2.5 % ضمن توجّه لاحتواء الدول التي تم إعفاؤها من اتفاق الخفض وهي إيران وليبيا وفنزويلا. ويأتي هذا التوجّه من منظمة الأوبك كنوع من الدعم للأسواق النفطية حيال الدول التي بقيت خارج اتفاق الخفض النفطي الذي تمّ في السابع من ديسمبر الجاري، وبذلك من المتوقّع عقب تصريح الأوبك بخصوص إعادة جدولة حصص الالتزام للدول الأعضاء كذلك حلفاء المنظمة أن تتقدّم حالة الاتزان واعتدال الأسواق النفطية لبداية الربع الثاني من العام القادم 2019م، وأن تظل الأسعار تدور حول مستويات ال50 دولاراً لخام الإشارة برنت، ومن ثم حالة استقرار نسبية تليها عودة تدريجية بالارتفاع بعيد بداية الربع الأول من العام 2019م، فبعد 13 يوماً من اتفاق الخفض النفطي بداية ديسمبر الجاري الذي تمّ في بالعاصمة النمساوية فيينا أدركت منظمة الأوبك أن أسواق النفط لا زالت تعاني من عدّة عوامل تسببّت بالضغط عليها، فقد ظلّ اتفاق الخفض داعماً للأسواق ومؤشر الأسعار قرابة ال11 يوماً، إلا أن الأسواق لم تكن تمتلك المزيد من المناعة في ظل عوامل الضغط الراهنة بسبب المخاوف التي سبقت تطبيق العقوبات الاقتصادية على طهران وحظر مبيعاتها النفطية مما دفع المنتجين إلى رفع طاقتهم الإنتاجية، حيث دلّت بيانات صادرة عن وزارة الطاقة الروسية أن موسكو بلغ إنتاجها النفطي أعلى مستوى خلال 30 عاماً عند 11.41 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2018م، كما زادت أوبك إنتاجها في أكتوبر الماضي لأعلى مستوى منذ العام 2016م وفق مسح أجرته رويترز، فعلى الرغم من زيادة منتجي الخام وقتها معدلات إنتاجهم وتزايد المخاوف من حدوث شحّ في الإمدادات النفطية بحسب ما تمّ التسويق له في وسائل الإعلام الدولي بشكل كبير حينها نتيجة العقوبات التي ستسري على طهران في الرابع من نوفمبر الماضي إلا أن السعودية لمّحت حينذاك عن قلقها تجاه حدوث تخمة في الأسواق وهو ما تعانيه الأسواق حالياً، وجاءت الإعفاءات من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية التي حصل عليها كبار مستوردي النفط الإيراني لتمثّل بداية نقطة الخلل في الأسواق النفطية وتحويل جميع الجهود المبذولة مسبقاً لتأمين الإمدادات عبر زيادتها إلى بناء الفوائض النفطية بداخل الأسواق وبدء الضغط على مؤشر أسعار النفط الذي شهد سلسلة طويلة من التراجع حيث فقد خام برنت 19 دولاراً من قيمته منذ بدء سريان العقوبات الأمريكية على طهران في الرابع من نوفمبر الماضي حيث كان سعر خام برنت 72 دولاراً وصولاً لنهاية الأسبوع الماضي عند 53 دولاراً، بالإضافة إلى ذلك كانت الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدة الأميركية والصين كفيلة بزرع المخاوف بداخل الأسواق من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك في مستويات الطلب على النفط. واستطاعت منظمة الأوبك خلال الربع الأول من العام الجاري 2018م عبر جهودها المبذولة في معالجة حالات اختلال أسواق النفط وتحالفات ضبط الأسواق من خفض الفوائض النفطية وإيصالها نهاية يناير2018م ل70 مليون برميل من مستوى 340 مليون برميل في يناير 2017م، وبذلك استطاعت إعادة مؤشر الأسعار لمستويات ال70 دولاراً، فللأسعار المتدنية سلبيات كثيرة على أسواق النفط لا سيما قطاع الاستثمارات فقد فقدت الأسواق خلال السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 300 مليار دولار عبارة عن استثمارات في مشاريع المنابع النفطية في العالم، وهو الأمر الذي يجدد المخاوف من نقص الإمدادات النفطية نتيجة معدلات الهبوط الطبيعية للحقول النفطية القديمة؛ لعدم وجود استثمارات كافية في المنابع النفطية.