يقول المدير التنفيذي لمنظمة (أفضل مكان للعمل) أنه زار شركة عالمية كبيرة ناجحة تضم مئات الآلاف من الموظفين يتحدثون لغات مختلفة. التقى هذا المدير بعدد من الموظفين في المستويات الإدارية المختلفة وطرح عليهم سؤالاً عن الشيء الذي يميز الشركة فكانت الإجابة: (الإدارة تتعامل معنا كعائلة). بعد ذلك التقى بالمدير التنفيذي للشركة الذى أخبره بأهمية العائلة في حياته وأنه عاش حياة عائلية سعيدة ويريد أن ينقل مفهوم العائلة إلى بيئة العمل وأن يعمل الموظفون وهم يمتلكون هذا الشعور. العمل بمفهوم العائلة يعني وجود الاهتمام المشترك والدعم والتعاطف وسيادة مبدأ المصلحة العامة بين أفراد العائلة. هذا هو المطلوب في بيئة العمل. المسؤول عن تحقيق هذا المطلب بالدرجة الأولى هو قائد المنظمة. إيمانه بمبدأ مفهوم العائلة وتطبيقه عملياً -كقدوة- في تعامله مع أفراد المنظمة (العائلة) هذا السلوك هو الذي يبث الاتجاهات الإيجابية في أرجاء المنظمة. في العائلة ليست الأمور دائماً على ما يرام، وكذلك في بيئة العمل. في العائلة قد يحدث نقاش أو اختلاف في الرأي بين الزوج وزوجته حول الأسلوب التربوي أو حول المصاريف أو توزيع المهام. هذا النقاش يمكن أن يستثمر لمصلحة العائلة ويمكن أن يتطور إلى مشكلات تهدد استقرار العائلة. تجنب هذا المصير يتطلب الحكمة والاحترام المتبادل وتغليب مصلحة جميع أفراد العائلة. الحوار والمصارحة وتقبل النقد والاعتراف بالأخطاء وسائل إيجابية مؤثرة في العائلة وفي بيئة العمل. عندما تتعامل الإدارة مع الموظفين كعائلة فهذا نمط قيادي فعال لأن الأسس التي يقوم عليها تكوين العائلة بشكل عام هي الحب والثقة والتقدير والمساعدة والتوجيه والمشاركة في الرأي والمسؤولية. المشاركة في المسؤولية تعني أن الموظف إذا لاحظ وجود أي خطأ داخل المنظمة (العائلة) فيجب ألا يتجاهل هذا الخطأ. في العائلة تعليم وتدريب وتوجيه وكذلك في منظمات العمل. في العائلة يستشير الأب أبناءه وكذلك يفعل المدير مع موظفيه. وقد ينبه الابن والده بأنه يقوم بعمل خاطئ فيرد الأب: نعم كلامك عين الصواب. تبرز هنا قيمة الثقة وهي بلا شك من القيم السائدة داخل العائلة إلا في حالات استثنائية لا يقاس عليها. القائد كما أشرنا هو المسؤول بدرجة كبيرة عن توفير بيئة عمل إيجابية لكن القيادة بمفهوم العائلة ليست محصورة في قمة الهرم التنظيمي وإنما هي موجودة في كل المستويات. الإدارة بمفهوم العائلة وإن كانت تركز على الجانب الإنساني، وربما هذا ما قصده موظفو تلك الشركة الكبيرة، إلا أن المفهوم له جوانب أخرى أشرنا إلى بعضها في السطور السابقة. من هذه الجوانب المشتركة بين العائلة والمنظمة العمل بروح الفريق، والتركيز على نقاط القوة لدى الأفراد لتعزيزها، واستثمار قدرات الأفراد لمصلحة الجميع، والتعاطف مع الأفراد في حالة مواجهتم ظروفاً صعبة. هذا التعاطف ربما يكون هو العنصر الأقوى في حياة العائلة فإذا وجد هذا التعاطف في بيئة العمل فهي بيئة خصبة لنمو الرضا الوظيفي الذي يعني السعادة ويشكل أهم العوامل المساعدة على تحقيق النجاح. وأخيراً في العائلة الأب والأم هما القيادة وهما القدوة ومنبع الحب والتواضع والدعم دون تكبر أو غطرسة أو نرجسية وبهذا يسود التقدير والاحترام وتنفيذ الأوامر وتسجيل النجاح باسم الجميع. هذا الجو العائلي مطلوب في بيئة العمل.