من الحالات السلبية، التي تعتري النفوس، الزهو بالنفس.. حالة تتلبس الشخص بعد أن يكون قد مارس حب النفس بدرجة تصل إلى «النرجسية»، حيث البعض يعلي من قيمته على حساب تقزيم صورة الآخر، مما يؤثر في المثلوجيا القديمة أن «نرجسية» تنسب إلى شاب حاز جملا فائقًا فاغتر في عشق جماله، حتى بلغ به الأمر أنه حين بصر بانعكاس صورته في الماء، تلبسه الغرور وظن أنه آية جمال لا تضارع، فلم يفارق بركة الماء إلى أن قتله الغرور ومات وهو ينظر إلى جماله الخارجي فنبتت نوع من الزهور في هذا المكان أُطلق عليه زهرة النرجس نسبة إلى اسمه. هذه القصة مجرد أسطورة يونانية ربما لا صحة لها، فهناك كثير من القصص وكلها تجري وتُصَب في نفس النهر لدعم الإثارة والتشويق لكن نبرمج القصة إلى معنى النرجسية حب الذات أو عشقها لا شعوريًا.. السبب الرئيس في «النرجسيين» هو وصول خيالهم إلى الافتتان بذاتهم إلى درجة الجنون والتوهم بأنه لا يوجد عندهم ضعف فالنرجسي يعتقد وصوله إلى الكمال. على المستوى الطبي أهم أسباب ارتباك الشخصية النرجسية ربما البيئة لها أثر فعال في عدم التوافق في الانسجام بين الأبناء والآباء سواء من خلال الإعجاب المفرط أو الانتقاد المفرط بما لا يتوافق بالقدر المناسب مع خبرة الابن، فيصبح الشخص النرجسي قريبًا إلى حالة المريض، حيث يصاحبه شعور مبالَغ فيه إلى زيادة الاهتمام والإعجاب من قبل الآخرين يصحبه انعدام التعاطف مع الآخرين، ولكن خلف هذا القناع من الثقة المبالَغ فيها، تكمن ثقة هشة بالنفس تجعله عرضة لأقل قدر من الانتقاد. علاج النرجسية يكون بحضور مجالس الذكر ومنع النفس بعدم ضرر الآخرين ومشاركة الناس في مشروع خيري وقتل العناصر الرئيسة للنرجسية بالتواضع وعدم الكبر ونبذ التعالي على الناس، والمشاركة مع العائلة في حضور الاجتماع العائلي في المناسبات، وكذلك التحدث مع الوالدين كصديق لهما والانخراط في الأعمال الاجتماعية، التي تصب في مصلحة الوطن وأبناء الوطن. الإنسان الطاووس والنرجسي تجده في كثير من المجالات الحياتية، لا يتوقف على الجمال الخلقي فتجده مزهوًا بصورته في مناحي أخرى، في غالب الأحيان يسقط هؤلاء في برك التجارب سريعًا، ولا تنمو على مكان سقوطهم سوى أزهار له عطر الدروس الملهمة، ونحن نعبر الطرقات، التي ظلت شاهدًا على نرجسيتهم، علينا أن نقطف زهرة للعبرة.