الطفلة أو المراهقة السويدية ابنة الخامسة عشرة «جريتا ثونبرغ Greta Thunberg» تسرق الأضواء العالمية في خطابها الذي ألقته بينما كان المفاوضون من جميع أنحاء العالم يناضلون للتوصل إلى اتفاق حول كيفية تطبيق اتفاق المناخ في باريس في قمة الأممالمتحدة للمناخ في كاتوفيتشي، بولندا «COP24»، تناولت جريتا الميكرفون مناشدة قادة العالم لاتخاذ موقف حاسم مع إنقاذ الأرض، خطاب جريتا جاء مثل صدمة لتوقظ الضمائر بقولها «أنتم تسرقون مستقبلنا أنا وبقية أطفال العالم، نحن لم نحضر هنا لنستجديكم لوقف الدمار، نحن هنا لنقول لكم إن التغيير قادم لا محالة شئتم أم أبيتم. أنتم وحتى الآن لا تتخذون الإجراءات الكافية للحد من التغيرات المناخية المرة، ليس بوسعنا وقف كارثة ما لم ننظر لها ككارثة، أنا لن أُسلم أطفالي كارثة، فالأرض مقبلة على كارثة». جريتا متحدرة من خلفية مناضلة من نسل Svante Arrhenius الذي فاز بجائزة نوبل للكيمياء لبحوثه لحساب تأثيرات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، تحمل جريتا هذا الدم بالإضافة لفن والدتها مغنية الأوبرا المعروفة «ميلاني إيرمان Malena Ernman» ورغم حداثة سنها فقد اشتهرت بعملها كمناضلة للدعوة لمواجهة التغيرات المناخية، وإن نشاطها ليتجاوز السويد ليدعو عالمياً كافة البشر للوقوف وقفة انتصار لكوكب الأرض وحمايته من الممارسات التي تعجل لا محالة الكارثة. وقد يستغرب القارئ إلحاحي للرجعة لموضوع التغيرات المناخية وحماية البيئة، لكنني أجد نفسي ضالعة في هذا النضال لأنه في صميم رسالة آدم ونسله، هذا الاستخلاف أو التكليف الإلهي للبشر على الأرض، الأرض هي ليست كتلة حجارة وتربة ومياه، الأرض كائن حي هي ابني وابنك وليس بوسعنا الوقوف عاجزين نشهد الجشع البشري يمزقها ويعرضها للدمار، ليس بوسعنا مد مخالبنا ومص دمائها.. لا بد وأن يحمل كل منا مسؤولية التوعية بتأثير ممارساتنا اللامبالية والصغيرة على مصير الأرض، لا بد وأن نقف ونعي أن مجرد تركك لضوء مشتعل إضافي أو قذفك لقطعة بلاستيك يسهم في دمار الأرض.. نحن خلفاء ومطالبون للجهاد لنرعى هذا الكائن الأرض، وإننا سنُحَاسَب على تفريطنا في هذه المسؤولية تماماً كما سنُحَاسب على التفريط في رعاية أطفالنا. لا يمكن المضي في اللامبالاة والتنصل من هذه المسؤولية كأنما لا وجود لها، إننا نسهم في الدمار، لنقف ونواجه هذه الحقيقة. وأحب الوقوف بخطاب هذه الطالبة المناضلة الصغيرة التي تطالب بحقها وحق أبنائها وأحفادها في أرض قابلة للعيش فيها والتعمير، ترفض جريتا أن تقف موقف المتفرج على الممارسات المدمرة للأرض وترفض أن تسلم أبناءها أرضاً من الكوارث.