مرة أخرى، تؤكد المملكة أنها تمتلك أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وأنها قادرة على مواجهة أي تحديات وتجاوز أي عقبات من أي نوع، لتحقيق كل ما يتطلع إليه ولاة الأمر، ويحلم به المواطنون، وقد تأكد للجميع هذا المشهد على أرض الواقع، في أعقاب الإعلان عن الميزانية العامة للبلاد للعام 2019، التي حفلت بالكثير من المؤشرات الإيجابية، التي تعزز نجاح رؤية المملكة 2030، وتسهم في إيجاد الاقتصاد القائم على المعرفة. ميزانية 2019 لم تخالف التوقعات أو الآمال، بقيمة إنفاق تتجاوز 1.1 تريليون ريال، وهو ما يشير إلى أن البلاد عازمة على تنفيذ حزمة من البرامج الجديدة، والمشروعات العملاقة، التي ستحدث الفارق المنتظر في مسيرة الاقتصاد السعودي والتنمية. ضخامة الميزانية وتحقيق أهداف الرؤية، لم يتحققا من فراغ، وإنما بجهد كبير وتخطيط طويل المدى، أسفر عن نجاح الحكومة وبشكل منقطع النظير في تنفيذ العديد من المبادرات النوعية، لتنمية الإيرادات غير النفطية، ودعم قطاعات جديدة، لم تنل حظها من الاهتمام الرسمي، فضلاً عن تحسين كفاءة الإنفاق، وتحسين آليات استهداف المستحقين بالدعم، يضاف إلى ذلك القدرة على خفض عجز الميزانية خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية 2018م والذي بلغ حوالي 41.7 مليار ريال منخفضاً بحوالي 31 مليار ريال عن العجز المسجل في الفترة المماثلة من العام السابق 2017م، رغم نمو النفقات بنسبة 26 في المئة خلال فترة المقارنة، يضاف إلى ذلك مواصلة الإصلاحات الاقتصادية، والحرص على تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة المالية، وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين. ولعل ما يلفت النظر في بنود الميزانية، أنها أولت اهتماماً كبيراً لخطة تحفيز القطاع الخاص بنحو 200 مليار ريال، عبر رفع الإنفاق الحكومي بنسبة تصل إلى 7 في المئة، وهذا كفيل بإنعاش مكونات القطاع، الذي لطالما كان شريكاً أساسياً في عمليات التنمية التي تشهدها البلاد في العقود الماضية. وقد أثلجت وزارة المالية صدورنا جميعاً، عندما أعلنت أن برنامج تحقيق التوازن المالي المستهدف تحقيقه بحلول العام 2023م، لا يستهدف فقط الأداء المالي، بل تحفيز النشاط الاقتصادي واستدامة المالية العامة على المدى المتوسط. نحن أمام مشهد اقتصادي جديد في المملكة؛ ميزانية عملاقة، ومخصصات ضخمة، ورؤية مغايرة، تستهدف الوصول إلى أعلى نسبة نمو مستدام، يحدث هذا في وقت تشهد في الاقتصادات العالمية، تراجعاً أحياناً، وتأرجحاً في أحيان أخرى، ما دعا قادتها إلى تقليص مصروفاتها، وشد الحزام، بينما المملكة تواصل نموها وإنفاقها الحكومي، بوتيرة ثابتة، أذهلت الجميع. الأرقام التي جاءت بها الميزانية، تبعث على الاطمئنان، وتؤكد للجميع أننا سائرون في الطريق الصحيح، وأن ما عزمت عليه الحكومة الرشيدة، في رؤية 2030، يسير في طريقه المرسوم له، ويحقق النجاحات المتوقعة، وغداً سيكون أفضل من اليوم، شريطة التسلح بالمعرفة والوعي، والالتفاف الدائم حول قيادتنا.