أكد مختصون في الشؤون الاقتصادية والموارد البشرية أن ميزانية هذا العام القياسية في أرقامها وفِي عناوينها العارضة تهتم بجوانب بناء الوطن وتثبيت الأسس الإدارية والعملية والاقتصادية وترتكز في هذا الشأن على المواطن السعودي الذي كان هو أساس التنمية في الماضي والحاضر، مؤكدين أن ميزانية ورؤية المملكة في دورتها الثالثة بدأت تبرز نتائج إيجابية للأعمدة الاقتصادية السعودية البعيدة بعض الشيء عن الناتج البترولي المباشر والذي ظل لسنوات وعقود طويلة هو عصب الحياة والدورة الاقتصادية في الداخل والخارج. فبداية تحدث د. فيصل بن منصور الفاضل عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس: إن ما تضمنته الكلمة الضافية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- أثناء إعلان ميزانية الخير للعام 2019م، وما جاء فيها من مضامين مهمة نحو الاستمرار في مسيرة التنمية الشاملة لكل مناطق المملكة، وزيادة حجم الإنفاق الحكومي واستمرار نمو الاقتصاد الوطني، يبرهن على نجاح خطط الدولة في الأعوام الأخيرة لإحداث نقلات نوعية اقتصادية تعود بالأثر الجيد على الاستقرار المعيشي والتنموي في حياتنا اليومية. وذكر أن أرقام الميزانية العامة للدولة لعام 2019م جاءت حسب التوقعات وهي تؤكد بجلاء وشفافية عالية سير الدولة بشكل مستمر في تنويع مصادر الإيرادات وتعزيز الاستدامة المالية وفقاً لرؤية المملكة 2030 من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية التي سجلت ارتفاعاً من 127 مليار ريال في 2014م وصولاً إلى 287 مليار ريال في العام 2018م ومن المتوقع وفقاً لبيان الميزانية العامة للدولة أن تصل إلى 313 مليار ريال في العام 2019م، ولا شك أن هذه الزيادة المضطردة تتحقق نتيجة للإصلاحات المالية التي طبقتها الدولة والتوجه الجاد والمستمر نحو تنويع مصادر الدخل. وأضاف الفاضل أن أرقام الميزانية تعكس زيادة الاستثمارات في مبادرات برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 لدعم النمو الاقتصادي لتعزيز البنية التحتية وتمكين الاقتصاد من خلق مزيد من الوظائف للمواطنين وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة تساهم في توجيه الاقتصاد الوطني نحو آفاق واسعة من النمو والازدهار. وتوقع الفاضل أن تساهم ميزانية العام القادم في تقليص معدلات البطالة الحالية وتبدأ هذه المعدلات في الانخفاض نتيجة ارتفاع الإنفاق الحكومي الذي تجاوز حاجز التريليون للمرة الأولى في تاريخ المملكة على منظومة كبيرة من المبادرات والبرامج التي تستهدف تخفيض البطالة إلى 11،6 % في 2020م و7 % في 2030م. من جانبه قال رجل الأعمال عبدالمحسن بن عبدالعزيز الحكير: إن الميزانية العامة الجديدة للمملكة للعام 2019م، التي يبلغ حجم الإنفاق فيها 1.106 تريليون ريال، بزيادة 7 % عن المتوقع صرفه بنهاية العام المالي 2018، فيما تبلغ الإيرادات 975 مليار ريال، بارتفاع 9 % عن المتوقع بنهاية العام الجاري. واعتبر الحكير الميزانية الجديدة ميزانية خير، كونها تهدف إلى كفاءة الإنفاق وتحقيق الاستدامة والاستقرار المالي، ضمن أهداف رؤية المملكة 2030، كما أنها تعزز من قدرة المملكة في مواجهة التحديات والتحول الهادئ نحو بناء اقتصادي يفيض بالخير والنماء والرخاء على مواطني المملكة ويدعم خططها التنموية القائمة على اقتصاد قوي متعدد المصادر. وقال الحكير: إنه بنظرة سريعة على الميزانية نجد أنها تعكس نهج قيادتنا في الاهتمام ببناء الإنسان ونهضته، حيث ترسخ مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتسهم في ضبط الإدارة المالية، وتعزيز الشفافية، إلى جانب تمكين القطاع الخاص لأداء الدور المنوط به كونه أحد جناحي التنمية المستدامة في المملكة في تنشيط دوران العجلة الاقتصادية نحو آفاق رحبة من النهضة والرقي في كافة المجالات، مشيرا إلى أن ما يلفت النظر في الميزانية الجديدة هو الحرص على أن تكون جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين مميزة، فالمواطن هو الهدف والغاية من الميزانية التي يعول عليها كثيرا في تحقيق طفرة واعدة. وألمح إلى أن الميزانية تأتي في ظل تحديات عالمية وظروف اقتصادية تشهد الكثير من التقلبات والتحديات التي تواجه أسواق النفط، إلا أنه بها الكثير من المؤشرات الإيجابية، وتلبي كافة الطموح والتطلعات. من جهته قال المتخصص في شؤون الموارد البشرية أحمد السالم: إن المملكة تواصل من خلال هذه الميزانية تفعيل الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وخاصة الشباب السعودي، حيث نلمس أن المخصصات المالية للبنود المعتمدة في بيان الميزانية تركز على تطوير القدرات البشرية وتوظيفها. وأضاف السالم أنه ومن خلال التخطيط والتنفيذ المتسارع لمخرجات رؤية 2030 نجد أن مبادرات الحماية الاجتماعية بمعناها الأشمل والاهتمام برأس المال البشري لم تعد حصرا على اعتماد وظائف مستحدثة وإعانة العاطلين فقط ولكن تعدى ذلك ليكون التوسع في الاقتصاد غير النفطي ودعم المنشآت المتوسطة والصغيرة وتوسيع قاعدة التعليم والتدريب وتنويع مصادر الدخل والتوسع كذلك بالاستثمار في البنية التحتية وحتى الاهتمام بالتنمية المجتمعية وأنشطة الترفيه والرياضة، مؤكدا على أن ذلك يدعم بشكل جلي ومباشر إيجاد فرص التوظيف الملائمة التي تتناسب مع التوسع في شتى المجالات، وكذلك ابتكار مجالات جديدة تمنح الفرصة للمواطن والمواطنة السعوديين. ولم تكتفِ الحكومة بفتح الوظائف لمواطنيها فقط في القطاع العام ولم تكتفِ أيضا بتحفيز القطاع الخاص لتوظيف المواطنين ولكن ساهمت الحكومة بشكل فعال في دفع عجلة التنمية والتركيز على المحتوى المحلي سواء في الجهات الحكومية أو الشركات الحكومية وذلك في خطط مدروسة تحقق أهدافها الاقتصادية.