في ذاكرة كل منا شخصيات وضعتْ إمضاءها بجدارة على صفحات قلوبنا، ورسمتْ لنفسها أجمل صورة تستحضرها النفس في المواقف الراقية، ولبست ثوب التميّز فلا تكاد تراها إلا في المواقف التي قلّ من يقول فيها: أنا لها بكل جدارة. من ذلك - مثلاً- أنك قد تحب مادة من المواد الدراسية لأن معلماً مخلصاً قدمها لك بكل حب وتميّز وتربوية، ولربما دفعك برائع عطائه إلى أن تتخصص في مجاله نفسه، وتحاكي أداءه، وتضيف له ما عندك من لمحاتك الخاصة، ويلهج لسانك وقلبك بشكره والدعاء له. وقد تحب بلداً من البلدان زرتها أو سمعت عنها أو رأيت مشهداً لها؛ لأنها تحمل رسالة احترام وتقدير لمن حولها، ولأن فيها ما أخذ بلبك من جمال البيئة والطبيعة وروح الإنسان، التي تقدر الناس قدرهم، وتنظم حياتهم بكل احترام ورقي. وقد تجد نفسك عميلاً دائماً لمؤسسة في مجتمعك، عمل منتسبوها على تحقيق أهدافهم، والوصول إلى تطلعات عملائهم بكل إتقان، ثم يتطور وضعك لتجد نفسك مسوقاً ناجحاً لهم وبلا تكليف؛ بدافع النصح لهم، وسعياً ليحصل من حولك على خدمة أو منتج يبحث عنه الطامحون للتميّز. وأنت.. نعم أنت لا شك أنك كما تحمل في نفسك شيئاً متألقاً لأحدهم ثمة من يحملك في قلبه، ويذكرك بخير، فما أجمل أن تكون سفيراً مخلصاً لدينك، تمثل الصورة الحقيقية لدينك، فتعرف به من يجهله، وتحببه إلى من يعاديه، وتصححه لمن يخطئ فهمه، وتقومه لمن ينحرف في تطبيقه. وأقصر الطرق لذلك وأكثرها أثراً جمال خلقك، وكونك قدوة صالحة في قولك وفكرك وسلوكك. بل أن تكون سفيراً للإنسانية بالعدل والقسط والتسامح والرفق، والخصال التي يتمدد عطاؤها للبشر كافة مسلمهم وكافرهم، فلطالما جاء خطاب ربنا في كتابه ب (يا أيها الناس)، وهي تشمل الناس كل الناس مهما اختلفت عقائدهم وثقافاتهم. وما أروع أن تكون سفيراً مخلصاً لوطنك، بأن تكون النموذج القويم لوطنك بصادق انتمائك ورصين مواطنتك، وما ترسمه من الصورة الذهنية الناصعة عنه، التي تُعرّف الناس به، وتظهر لهم أصالته ورقيه، وما تبوأه من المكانة الرائدة على كل المستويات المحلي والإقليمي والدولي، وما يعيشه أفراده من اللحمة الوطنية التي تتحطم فوقها الأفكار المغرضة والادعاءات الماكرة، وما يحظون به من التقدم والتطور الذي ذاع صيته في مجالات متعددة في المنصات العالمية، والطموح الذي فاق السماء علوّاً، والبحر اتساعاً، والنهضة التي تترقب استمرار بنائها الأجيال بمختلف مستوياتها. إن هذه الأشياء الجميلة والرائدة يحملها السفراء الحقيقيون الدائمون، الذين لا يحتاجون إلى مناصب محددة ليعيشوها، ولكنهم يحملونها رسالة سامية في كل موقف يعيشونه داخل أسرهم، وفي مقار أعمالهم، وكلما سنحتْ لهم فرصة للإفصاح والبيان، يحملون أزاهير الحب والتفاؤل والنجاح. فهم بلا مناصب رسمية، سفراء للفضيلة والرقي والإنسانية الكريمة والمواطنة الصادقة والعطاء المخلص والإبداع والمستقبل المشرق بشمس الطموح والرؤية الثاقبة. فتحية لهم من الأعماق، وهنيئاً لأوطانهم بهم. وإلى مزيد من التقدم والرقي لكل سفير مخلص.