البعض حينما يفشل في بعض اختياراته في الحياة، أو يفقد من يحب، أو يخذل من عزيز أو صديق، أو يرحل إلى العالم الآخر شخص عزيز عليه، فإنه يصل إلى مرحلة من اليأس، ويشعر بأن الحياة بائسة، ولن تجود بمثل ذلك مرة أخرى! ولا يوجد المتسع فيها لأكثر من خيار، ويعتقد أنه لا فائدة من العمل ولا الصبر ولا الانتظار، ولذلك يشعر دوماً بضيق الصدر، وأن الكون قد ضاق به، ولكن الله سبحانه قد قال في كتابه حينما يتعرض المؤمن للابتلاء "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"، فالكون واسع وغني بكثير من الفرص، وقد سخره الله بما فيه من مخلوقات لك، فأنت أيها البائس، استشعر الوفرة، ولا تظن أنها القشة التي قصمت ظهر البعير، فرحمة الله واسعة، والحياة تتسع لجميع مخلوقاته، وتستطيع أن تغير حياتك إلى الأفضل، وأن تسعد نفسك من خلال تغيير البوصلة قليلاً من الداخل، وتصحيح الأخطاء التي قد وقعت فيها، ولا يظن غير ذلك إلا من كان يائساً ومعقدًا ولديه ضيق في الأفق، فلذلك كان التفاؤل مطلوبا دوماً؛ لتكون الوفرة حاضرة في حياتك، فما يؤمن به عقلك الباطن سيعمل عليه ويحققه، لذلك ابتعد عن الظن السيئ بأن الحياة مجرد شح في الفرص، وأن المحظوظ فقط هو من ينجح في ذلك، أو أنك تتشاءم بأنك لن تصادف في حياتك إلا القبح بأنواعه فقط، لذلك كنت ولا أزال أؤمن بأن في الحياة أنواعا من الجمال، كما أن فيها أنواع القبح، وما تعتقده ستجده، إلا أن تلك النفوس التي أحضرت الشح تتعثر لأنها تواجهه؛ لأن الأعمى لا صبح له ولو ظل سهران! فكما أنك لا تبصر من شدة الظلمة، فأنت أيضاً لا تبصر من شدة النور، فالتطرف أخو العمى، سواءً كنت متطرفًا في النور أو الظلام فأنت أعمى! كما أنني أؤمن بأن القلب والعقل لا يجتمعان، فهما خصمان في صراع، ونادراً جداً ما يصطلحان، وكالليل والنهار، والشمس والقمر، فلا القلب ينبغي له أن يدرك العقل، ولا العقل مدرك القلب.. وكل في فلك يسبحون.. وشتان ما بين الفلكين! العقل أحياناً يلجم القلب إذا كانت قراراته كارثية، ولذلك العقل حينما يتسلم زمام الأمور، ويتخذ القرار المؤلم الذي لا يوافق هوى أنفسنا نشعر بالوجع، وبأنه هادم للذة، ومنتهك البهجة، وتقول حينها: لماذا هذا العقل جاد وقاسٍ ولا يجعلني سعيداً، ورغم أن هناك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك"، ولكن القلب أحياناً تأخذه العواطف بعيداً عن أرض الواقع، فالعظماء من جاءت لهم الفرص ثم التقطوها وعملوا كثيراً عليها، وطوروا من أساليبهم حتى وصلوا إلى الهدف، وتركوا عليها بصمتهم من دون يأس من الخطأ والفشل، والحياة فرص، والفرص لا يُخطط لها، بل تكون متحفزاً لاقتناصها فقط، فلذلك أجمل ما في حياتنا المصادفة.